للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ذلك أحسن التأتي، فليستسهل غيره.

وروينا في الصحيحين أيضًا من حديث عبد اللَّه بن زمعة : أنه سمع النبي يقول وذكر الناقة والذي عقرها فقال رسول اللَّه : " ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢)[الشمس: ١٢] انبعث لها عزيز رجل عارم منيع في رهطه" (١)، ثم ذكر النساء فوعظ فيهن فقال: "يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد، فعلها يضاجعها من آخر يومه" ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال: "إلام يضحك أحدكم مما يفعل". (٢)

ومعنى انبعث: قام بسرعة، والعارم: بالعين المهملة والراء: الشرير المفسد، وفيه التنبيه على منافاة مضاجعتهن وملاطفتهن لمجافاتهن وجلدهن والإغلاظ عليهن.

وفيه منع العرامة (٣) والجراءة على إماء اللَّه، والاستهانة بميثاقهنَّ الغليظ، وهو الموقع في الشقاء والتعب.

وروينا في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر" أو قال: "غيره" (٤) معنى يفرك: يبغض، يقال فرِكت المرأة زوجها وفرِكها زوجها بكسر الراء يفرَكها بفتحها: أبغضها، وفيه أن المؤمن لا بد وأن يجد في المؤمنة ما يرضيه، فيخبر به ما يكرهه ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].

وإذا المحب أتى بذنب واحد … جاءت محاسنه بألف شفيع


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٤٩٤٢] كتاب تفسير القرآن، من سورة والشمس وضحاها، ومسلم في صحيحه [٤٩ - (٢٨٥٥)] كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، [١٣] باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، والترمذي في سننه [٣٣٤٣] كتاب تفسير القرآن، باب من سورة والشمس وضحاها، والسيوطي في الدر المنثور [٦/ ٣٥٧].
(٢) تقدم تخريجه قبل هذا، وقال النووي: قوله : "عزيز عارم" العارم بالعين المهملة والراء، قال أهل اللغة: هو الشرير المفسد الخبيث، وقيل: القوي الشرس، وقد عرُم بضم الراء وفتحها وكسرها عرامة بفتح العين وعرامًا بضمها فهو عارم وعرم، وفي هذا الحديث النهي عن ضرب النساء لغير ضرورة التأديب، وفيه النهي عن الضحك من الضرطة يسمعها من غيره بل ينبغي أن يتغافل عنها ويستمر على حديثه واشتغاله بما كان فيه من غير التفات ولا غيره، ويظهر أنه لم يسمع، وفيه حسن الأدب والمعاشرة. "النووي في شرح مسلم [١٧/ ١٥٥] ".
(٣) عرم: فلان عرامة: شرس واشتد.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٦١ - (١٤٦٩)] كتاب الرضاع، [١٨] باب الوصية بالنساء، وأحمد في مسنده [٢/ ٣٢٩]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧/ ٢٩٥]، والمنذري في الترغيب والترهيب [٣/ ٥٠]، والتبريزي في المشكاة [٣٢٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>