للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه من أنواع التأديب خمسة: القبيح، ومخاطبة النصوح بما يفهم، كما يوضحها قوله: "كخ كخ" (١)، والأمر الموضح للمطلوب، كما في قوله: "ارم بها"، والتذكير والتعليل، كما في قوله: "أما علمت كذا. . " وهو من أخف المراتب وأولها وقوعًا، ثم اليد وفيه من مجاري التأديب بعظيم حرمات اللَّه في الأموال، وكونها مأكولة بلاغًا، وشدَّة الاعتاء لاسيما بالحرام منه، وبيان مستنده، وأن الإمام والعالم أو كبير المكان أو جد الصبي أو قريبه أهل للتأديب، وكيف باجتماعهما كما في النبي مع الحسن.

وفيه من أسباب التأديب التساهل كما في أخذ التمرة وجعلها في الفم، ومثله كل تناول يتداعى إلى الفساد، ومن شرطه وضوح عدم الحل وعدم الإقدام بغير عذر وابداؤه للنواظر كما فعل الحسن.

وفيه من الحوادث علم حكم الشرع ورحمة القلب، وحفظ الأمانة كما يشعر قوله: "كخ كخ" أي إنه مستقذر شرعًا يصير نارًا في البطن كما يشعر بأنه تضييع لحق الفقراء، والمتصدق في قوله: "لا تحل لنا الصدقة". (٢)

وروينا في الصحيحين من حديث أبي حفص عمر بن أبي سلمة عبد اللَّه بن عبد الأسد ربيب رسول اللَّه قال: "كنت غلامًا في حجر رسول اللَّه ، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول اللَّه : "يا غلام سم اللَّه وكل بيمينك وكل مما يليك" (٣) فما زالت تلك طِعْمَتِي بعدُ".


(١) قال القاضي: يقال كخ كخ بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ويجوز كسرها مع التنوين وهي كلمة يزجر بها الصبيان عن المستقذرات فيقال: كخ أي اتركه وارم به، قال الداودي: هي عجمية معربة بمعنى بئس، وقد أشار إلى هذا البخاري بقوله في ترجمة، باب من تكلم بالفارسية والرطانة. "النووي في شرح مسلم [٧/ ١٥٤] طبعة دار الكتب العلمية".
(٢) الحديث دليل للشافعي وموافقيه ان آله هم بنو هاشم وبنو المطلب، وبه قال بعض المالكية، وقال أبو حنيفة ومالك: هم بنو هاشم خاصة، قال القاضي: وقال بعض العلماء: هم قريش كلها، وقال أصبغ المالكي: هم بنو قصي، وأما صدقة التطوع فللشافعي فيها ثلاثة أقوال: أصحها: أنها تحرم على رسول اللَّه وتحل لآله، والثاني: تحرم عليه وعليهم، والثالث: لا تحل له ولهم. "النووي في شرح مسلم [٧/ ١٥٥] طبعة دار الكتب العلمية".
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٣٧٦] كتاب الأطعمة [٢] باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، ورقم [٥٣٧٧، ٥٣٧٨] في الأطعمة، [٣] باب الأكل مما يليه، ومسلم في صحيحه [١٠٨ - (٢٠٢٢)] كتاب الأشربة، [١٣] باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، وابن ماجه في سننه [٣٢٦٧]، وأحمد في مسنده [٤/ ٣٦]، وابن أبي شيبة في مصنفه [٨/ ١٠٤]، والبيهقي في السنن الكبرى [٧/ ٢٧٧]، والألباني في إرواء الغليل [٧/ ٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>