للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مرتبة أعلا من هذا.

وروينا في صحيح البخاري من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "الكبائر الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس" (١).

واليمين الغموس التي يحلفها كاذبًا عامدًا، سميت غموسًا لأنها تغمس الحالف في الإثم، فجعل العقوق بين الشرك وقتل النفس، وهي مرتبة عظمى.

وروينا في الصحيحين عنه مرفوعًا: "من أكبر الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا: يا رسول اللَّه، وهل يشتم الرجل والديه؟!! قال: "نعم؛ يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه" (٢).

وفي رواية: "من الكبائر أن يلعن الرجل والديه" قيل: يا رسول اللَّه كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسبُّ الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه" (٣).

وهذا النوع من العقوق وهو السب بشتم الناس وبلعنهم إلى أن يسُبَّ الأب والأم (٤).

وروينا فيهما من حديث أبي محمد جبير بن مطعم أن رسول اللَّه قال: "لا يدخل الجنة قاطع" (٥) قال سفيان في روايته يعني قاطع رحم، قلت: وهذا غاية في التنفير.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٦٧٥] كتاب الأيمان والنذور، [١٦] باب اليمين الغموس، ورقم [٦٨٧٠] كتاب الديات، [٢] باب قول اللَّه - تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ [المائدة: ٣٢]، ورقم [٦٩٢٠] كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، [١] باب إثم من أشرك باللَّه وعقوبته في الدنيا والآخرة، وأحمد في مسنده [٢/ ٢٠١]، والسيوطي في الدر المنثور [٢/ ١٤٧، ٦٢١].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٩٧٣] كتاب الأدب، [٤] باب لا يسب الرجل والديه، ومسلم في صحيحه [١٤٦ - (٩٠)] كتاب الإيمان، [٣٨] باب بيان الكبائر وأكبرها، والترمذي في سننه [١٩٠٢] كتاب البر والصلة، باب ما جاء في عقوق الوالدين، وأحمد في مسنده [٢/ ١٦٤، ١٩٥]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٠/ ٢٣٥]، وابن أبي شيبة في مصنفه [٩/ ٨٨]، والزبيدي في الإتحاف [٧/ ٤٨٣]، والسيوطي في الدر المنثور [٢/ ١٤٧].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه [٥٩٧٣] كتاب الأدب، [٤] باب لا يسب الرجل والديه.
(٤) قال النووي: وأما قوله : "من الكبائر شتم الرجل والديه" إلى آخره، ففيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا عقوقًا يحصل منه ما يتأذى به الوالد تأذيًا ليس بالهين، وفيه: قطع الذرائع، وقال أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيًا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق. "مختصرًا عن النووي في شرح مسلم [٢/ ٧٥، ٧٦] طبعة دار الكتب العلمية".
(٥) البخاري في صحيحه [٥٩٨٤] كتاب الأدب، [١١] باب إثم القاطع، ومسلم في صحيحه [١٨ - =

<<  <  ج: ص:  >  >>