للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخادم قد دخل المسجد باكيًا، وكنت في ذكر ما رأيته له أقص على أصحابي، فلما دخل سلَّم وجلس بين يدي، وقال: يا عبد الواحد مُدَّ يدك، فقد أرسلني إليك رسول اللَّه لأتوب على يديك وذكر لي ما جرى بينك وبينه الليلة في شأني، فلما تاب سألته عن رؤياه، فقال: أتاني رسول اللَّه فأخد بيدي وقال: لأشفعن لك إلى ربي لأجل صلاتك عليَّ، فلما انطلقت معه شفع لي، وقال لي: فأت عبد الواحد وتب على يديه، واستقم.

الخامسة بعد العشرين: روي عن علي بن عيسى الوزير أنه قال: كنت أكثر الصلاة على النبي فلما صرفت عن الوزارة رأيت في المنام كأني راكب حمارًا، ورأيت رسول اللَّه فترجلت له فقال لي: ارجع إلى مكانك، فأصبحت وقلدت الوزارة ببركة الصلاة عليه .

السادسة بعد العشرين: روي عن ابن جعفر الحدَّاد -رحمه اللَّه تعالى- أنه قال: جعت مرة بالمدينة ولم أجد طعامًا منذ خمسة عشر يومًا، فألصقت بطني بحائط قبر النبي وأكثرت من الصلاة عليه، وقلت: يا رسول اللَّه أشبع ضيفك فقد أضعفه الجوع عن خدمة اللَّه تعالى، قال: فغلبني النوم، فرأيت رسول اللَّه وقد دفع إليَّ رغيفًا، وأنا آكله فاستيقظت وأنا شبعان، وبيدي نصفه.

فوائد: الأولى: عن أبي عمران الواسطي قال: خرجت من مكة أريد زيارة القبر المشرف (١) فلما خرجت من الحرم أصابني عطش شديد حتى آيست من نفسي، فجلست تحت شجرة أم غيلان آيسًا، وإذا بفارس قد أقبل على فرس أخضر، وكل آلاته خضر، وفي يده قدح أخضر فيه شراب أخضر فدفعه إليَّ وقال: اشرب، فشربت ثلاثًا، والقدح بحاله، فقال لي: أين تريد؟ قلت: المدينة لأسلم على رسول اللَّه وعلى صاحبيه. فقال لي: إذا وصلت وسلمت فقل رضوان يقرئكم السلام.

الثانية: عن إبراهيم الخواص قال: عطشت في بعض أسفاري إلى المدينة، فإذا أنا بماء يرش على وجهي ففتحت عيني، فإذا أنا برجل حسن الوجه، راكب على دابة شهباء، فسقاني وقال: كن رديفي فما لبثت إلا يسيرًا إذ رأيت المدينة، فقال: انزل


(١) زيارة قبر النبي من أعظم القرب وأجلها شانًا، وقد بين الفقهاء آداب زيارة قبر النبي وقالوا: إذا توجه لزيارة المصطفى يكثر من الصلاة والسلام عليه مدة الطريق، ويصلي في المساجد التي يمر بها، وإن عاين حيطان المدينة يصلي على النبي ويقول: اللهم هذا حرم نبيك فاجعله وقاية لي من النار، وأمانًا من العذاب وسوء الحساب، ويغتسل قبل الدخول وبعده إن أمكنه، ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه. . . . إلى آخر الآداب. انظر الفقه على المذاهب الأربعة [١/ ٦١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>