فلما كان بعد ثلاث وجد الفقير خارجا في عافية فأخبر الملك بذلك، فأحضره فقال له: ما الذي نجاك من هذه الشدة، وفرج عنك هذه الكربة وأنقذك مما كنت فيه.
ما سبب خلاصك؟
قال له: دعاء دعوت به.
قال: وما هو؟
قال: قلت: اللهم إني أسألك يا لطيف ثلاثا، يا من وسع لطفه أهل السموات والأرض، أسألك أن تلطف بي من خفي خفي خفيِّ لطفك الخفي الخفي الخفيّ الذي إذا لطف به لأحد من عبادك كفى.
الثامنة عشرة: حكى أن امرأة إسرائيلية كان لها دار بجوار قصر الملك، وكانت تشين القصر وكلما رام الملك منها بيع الدار تأبى، فخرجت في سفر، فأمر الملك بهدمها.
فلما جاءت قالت من هدم داري؟
قيل: الملك، فرفعت رأسها على السماء، وقالت إلهي وسيدي ومولاي غبت أنا وأنت حاضر، للضعيف معين، وللمظلوم ناصر، ثم جلست فخرج الملك في موكبه، فلما نظر إليها قال: ما تنتظرين قالت: انتظر جواب قصتك.
فهزئ بقولها وضحك، فلما جن عليه الليل خسف به وبقصره، ووجد على بعض حيطانه مكتوب:
أتهزأ بالدعاء وتزدريه (١) … وما يدريك ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطئ ولكن … لها أمد وللأمد انقضاء
وقد شاء الإله بما تراه … فما للملك عندكم بقاء
(١) ازدراه: حقره وعابه، وزري عليه زريا وزراية: عابه وعتب عليه. وأزرى بالشيء تهاون به وقصر.