للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي مات فيه فلم أجد له أثرا ولا أعرف له خبرا - رحمه اللَّه تعالى.

فائدة: قال محمد بن حازم: قال وهب: وجدت العزلة كلها في كف اللسان.

وقال وهب: يقال الحكمة عشرة، فتسعة منها في الصمت، والعاشر في عزلة الناس.

قال: فعالجت نفسي على الصمت، فلم أجدني أضبط كل ما أريد منه.

فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة عزلة الناس.

الثانية: عن ميمون بن مهران (١) قال: جاء رجل إلى سلمان فقال: أوصني، قال: لا تتكلم، فإن تكلمت تكلم بحق أو اسكت.

قال: زدني، قال: لا تغضب.

قال: إنه ليغشاني ما لا أملكه.

قال: فإن غضبت أملك لسانك ويدك.

قال: زدني، قال لا تلابس الناس.

قال: لا يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم قال: فإن لابستهم فاصدق الحديث وأد الأمانة.

فائدة: قال عطاء بن رباح: "أن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، يعدون فضوله ما عدا كتاب اللَّه أن تقرأه وتأمر بمعروف وتنهى عن المنكر، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها أتنكرون أن عليكم حافظين كرامًا كاتبين ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ (٢) الآية أما يستحي أحدكم لو نشرت عليه صحيفته التي (أخلا) (٣) صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.


(١) ميمون بن مهران، أبو أيوب الجزري الرقي الفقيه، الجريري، وكان يرسل، وهو ثقة فقيه ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، أخرج له البخاري في الأدب ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، توفي سنة [١١٧ - ١١٨]. ترجمته تهذيب التهذيب [١٠/ ٣٩٠]، التقريب [٢/ ٢٩٢].
(٢) سورة ق [١٧] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ﴾ [ق: ١٧] يعني الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ [ق: ١٧] أي مترصد ﴿مَا يَلْفِظُ﴾ أي ابن آدم ﴿مِنْ قَوْلٍ﴾ أي ما يتكلم بكلمة ﴿إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ أي إلا ولها من يرقبها معد لذلك يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)﴾ [تفسير ابن كثير (٤/ ٢٢٤)].
(٣) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>