للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاضح المخزي، والسحب على الوجه، والإلقاء في النار، أعاذنا اللَّه منه.

وروينا من حديث ابن عمر أن ناسًا قالوا له: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم؟ قال ابن عمر: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول اللَّه رواه البخاري.

فحقيقة الرياء إظهار خلاف ما يبطن كالنفاق.

وروينا من حديث جندب بن عبد اللَّه بن سفيان مرفوعًا: "من سمَّع سمَّع اللَّه به، ومن يرائي يرائي اللَّه به" (١) أخرجاه.

ولمسلم من حديث ابن عباس. وسمَّع بتشديد الميم: أظهر عمله للناس رياء. ومعنى سمَّع اللَّه به: فضحه يوم القيامة.

ومعنى: من يرائي يرائي اللَّه به (٢): أي من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم، وليس كذلك راءى اللَّه به، أي أظهر سريرته على رؤوس الخلائق، وكفي بذلك شهرة وفضيحة.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه اللَّه لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة" (٣) يعني ريحها.

رواه أبو داود بإسناد صحيح، فحقيقة الرياء التوسل بعمل الآخرة إلى إصابة عرض من الدنيا كما صرح به الغزالي في منهاجه.

ومن آثار الرياء البعد عن الرحمة، وعن شم عرف الجنة وعن الكرامات، وكفى به شقاء.

والأحاديث فيها كثيرة وهي مشهورة.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤٩٩) كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، ومسلم في صحيحه [٤٨ - (٢٩٨٧)] كتاب الزهد والرقائق، [٥] باب من أشرك في عمله غير اللَّه، وأحمد في مسنده (٥/ ٤٥)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٤/ ٣٠١).
(٢) قال العلماء: معناه: من رائى بعمله وسمَّعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع اللَّه به يوم القامة الناس وفضحه، وقيل: معناه: من سمع بعيوبه وأذاعها أظهر اللَّه عيوبه. وقيل: أسمعه المكروه، وقيل: أراه اللَّه ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه ليكون حسرة عليه، وقيل: معناه: من أراد بعمله الناس أسمعه اللَّه الناس وكان ذلك حظه منه.
[النووي في شرح مسلم (١٨/ ٩٠) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (٣٦٦٤) كتاب العلم، باب في طلب العلم لغير اللَّه تعالى، وابن ماجه (٢٥٢)، وأحمد بن حنبل في مسنده (٢/ ٣٣٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٥)، والمنذري في الترغيب والترهيب (١/ ١١٥)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٨/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>