للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: عن أبي أمامة الباهلي أنه كان يحب الصدقة ويجمع لها الذهب والدراهم والفلوس وكان لا يقف به سائل إلا أعطاه ما يتهيأ له حتى يضع في يد أحدهم البصلة.

قالت مولاته: فأصبحنا ذات يوم وليس في بيته من الطعام شيء، ولم يكن عنده غير ثلاثة دنانير، فوقف به سائل فأعطاه دينارًا، ثم وقف آخر فأعطاه الثاني، ثم وقف آخر فأعطاه الثالث.

قالت فغضبت وقلت: لم يبق لنا شيء، فاستلقى على فراشه وأغلقت عليه باب البيت حتى أذن المؤذن بالظهر فجئته وأيقظته فراح إلى مسجده صائمًا.

فرفقت عليه واستقرضت، ما اشتريت به عشاء وهيأت سراجًا وصنعت مائدة، ودنوت من فراشه لأمهده له، فرفعت الوسادة فإذا بذهب، فقلت في نفسي ما صنع الذي صنع إلا ثقته بما جاء به، فعددتها فإذا هي ثلاثمائة دينار فتركتها على حالها حتى انصرف من صلاة العشاء.

فلما دخل ورأى ما هيأت له حمد اللَّه وتبسم في وجهي فقال: هذا خير من غيره، فجلس يتعشى فقلت: يغفر اللَّه لك ورفعت الوسادة.

فلما رأى ما تحتها فزع وقال: ويحك ما هذا؟.

قالت: لا علم لي به إلا أني وجدته على ما ترى فكثر فزعه وعلم أن ذلك بسبب الصدقة بالثلاثة دنانير وأن اللَّه تعالى عوضه ذلك.

الرابعة: حكى أن امرأة تصدقت برغيف على سائل، ثم خرجت تحمل غداء زوجها، وكان يحصد زرعه، فمرت بروضة ومعها ابن لها، وإذا بسبع قد التقم ابنها وإذا يد قد لطمت السبع، فقذف الطفل من فيه.

وإذا بصوت يسمع منه خذي ولدك فقد جازيناك لقمة بلقمة.

الخامسة: عن عطاء قال: كان أبو عبد الرحمن بن حبيب يؤتي بالطعام إلى المسجد فربما استقبلوه في الطريق فيطعمه للمساكين فيدعون له بالبركة فيرد عليهم دعاءهم ويقول: قالت عائشة: "إذا تصدقتم فدعى لكم فردوا الدعاء حتى يبقى لكم أجر ما تصدقتم به".

السادسة: كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يحمل جراب الخبز على ظهره ويتصدق به ليلًا ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب، وكان إذا أتاه سائل رحب به وقال: مرحبًا بمن يحمل زادي إلى الآخرة.

السابعة: قال سفيان: جاء رجل من أهل الشام فقال: دلوني على صفوان بن

<<  <  ج: ص:  >  >>