عاشرة: قال بعض الصالحين: كان لي صديق ابتلى بالجذام حتى ذهبت يداه ورجلاه وعيناه، فأتيت به المجذومين وجعلته معهم، وكنت أتعاهده فغفلت عنه أيامًا ثم انتبهت وقلت: إني قد غفلت عنك.
فقال: إن لي من لا يغفل عني.
فقلت: واللَّه ما ذكرتك.
فقال: إن لي من يذكرني، ثم قال: إليك عني فقد شغلتني عن ذكر اللَّه، فلبثت أيامًا ثم جئت إليه فوجدته قد توفي، فأخرجت كفنًا فيه طول، فقطعت ما فضل عنه وكفنته ودفنته فرأيت في منامي رجلًا وقف عليَّ لم أر أحسن منه صورة.
ثم قال: بخلت علينا بكفن طويل، دونك وكفنك قد رددناه عليك.
وقد كفناه في السندس والإستبرق قال: فاستيقظت وإذا بالكفن عند رأسي، وأنشدوا:
لئن كانت الدنيا تعد نفيسة … فدار ثواب اللَّه أعلى وأنبل
وإن كانت الأقسام رزقا مقدرا … فقلة سعى المرء في الرزق أجمل
وإن كانت الأجساد للموت أنشئت … فقتل امرء بالسيف في اللَّه أفضل
وإن كان الأموال للترك جمعها … فما بال متروك به المرء يبخل