للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل، فقال إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة (١) انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها ناسًا يعبدون اللَّه -تعالى- فاعبد اللَّه معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.

فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه ملك الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلا بقلبه إلى اللَّه تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط.

فأتاهم ملك في صورة آدمي فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيهما كان أدنى، فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة" (٢) أخرجاه.

وفي رواية في الصحيحين: "فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها".

وفي أخرى فيه: " فأوحى اللَّه -تعالى- إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقربي أقرب".

وفي أخرى: "فنأى بصدره نحوها".

وهو دال على العناية بالتائب حتى تخرق العادة بالتقريب.

تاسعها: حديث كعب (٣) في الثلاثة المتخلفين، ونزلت فيهم الآية (٤) أخرجاه مطولا.


(١) قال النووي: مذهب أهل العلم وإجماعهم على صحة توبة القاتل عمدًا، ولم يخالف أحد منهم إلا ابن عباس، وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا، فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته، وهذا الحديث ظاهر فيه، وهو وإن كان شرعًا لمن قبلنا، وفي الاحتجاج به خلاف، فليس موضع الخلاف، وإنما موضعه إذا لم يرد شرعنا بموافقته وتقريره، فإن ورد كان شرعًا لنا بلا شك. النووي في شرح مسلم [١٧/ ٦٩] طبعة دار الكتب العلمية.
(٢) أخرجه البخاري [٣٤٧٠] كتاب أحاديث الأنبياء، [٥٦]، باب منه، ومسلم في صحيحه [٤٦ - (٢٧٦٦)] كتاب التوبة، [٨]، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله.
وأحمد في مسنده [٣/ ٧٢]، وأبو نعيم في حلية الأولياء [٣/ ١٠٢].
(٣) كعب بن مالك بن أبي كعب واسمه عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، أبو عبد اللَّه، أبو عبد الرحمن، أبو محمد الأنصاري السلمي المدني الشاعر الخزرجي، صحابي مشهور، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا، أخرج له: أصحاب الكتب الستة، وتوفي في خلافة علي. ترجمته: تهذيب التهذيب [٨/ ٤٤٠]، تقريب التهذيب [٢/ ١٣٥]، الكاشف [٣/ ٩]، تاريخ البخاري الكبير [٧/ ٢١٩]، الثقات [٣/ ٣٥٠]، أسد الغابة [٤/ ٤٨٧]، الإصابة [٤/ ٦١٠]، سير الأعلام [٢/ ٥٢٣].
(٤) أخرجه البخاري [٤٦٧٧] كتاب تفسير القرآن سورة براءة، [١١٨] باب ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى =

<<  <  ج: ص:  >  >>