للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الدرمك، وثريناه بالنار وعجناه. وفيه مسهل وهو التعمد عن مخالطة المسرفين مما لا شعور به من نقى وآلة له وأشباه ذلك ما أسهل اجتنابه، بل في كونه يسمى اجتنابا ما فيه.

سابعها: حديث أبي هريرة: خرج رسول اللَّه ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ " قالا: الجوع يا رسول اللَّه. قال: "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا". فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا (١) فقال لها رسول اللَّه : "أين فلان؟ " قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول اللَّه وصاحبيه ثم قال: الحمد للَّه (٢) ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني. قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال: كلوا من هذه. وأخذ المُدْيَةَ، فقال له رسول اللَّه : "إياك والحلوب". فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول اللَّه لأبي بكر وعمر: "والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" (٣) أخرجه مسلم. ومعنى يستعذب: يطلب الماء العذب، وهو الطيب. والعَذق بفتح العين واسكان الذال المعجمة وهو الكباسة


= والترمذي في سننه (٢٣٦٤) كتاب الزهد، [٣٨] باب ما جاء في معيشة النبي وأهله. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه مالك بن أنس عن أبي حازم.
(١) الأنصاري هو أبو الهيثم مالك بن التيهان، وقول المرأة: "مرحبا وأهلا" كلمتان معروفتان للعرب، ومعناهما صادفت رحبا وسعة وأهلا تأنس بهم، وفيه استحباب إكرام الضيف بهذا القول وشبهه، وإظهار السرور بقدومه وجعله أهلا لذلك، كل هذا وشبهه إكرام للضيف، وفيه جواز سماع كلام الأجنبية ومراجعتها الكلام للحاجة، وجواز إذن المرأة في دخول منزل زوجها لمن علمت علما محققا أنه لا يكرهه، بحيث لا يخلو بها الخلوة المحرمة. [النووي فى شرح مسلم (١٣/ ١٨٠، ١٨١) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) فيه فوائد، منها: استحباب حمد اللَّه تعالى عند حصول نعمة ظاهرة، وكذا يستحب عند اندفاع نقمة كانت متوقعة، وفي غير ذلك من الأحوال، وقد جمعت من ذلك قطعة صالحة في كتاب الأذكار، ومنها: استحباب إظهار البشر والفرح بالضيف في وجهه وحمد اللَّه تعالى، وهو يسمع على حصول هذه النعمة والثناء على ضيفه إن لم يخف عليه فتنة، فإن خاف لم يثن عليه في وجهه. [النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٨٢) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه [١٤٠ - (٢٠٣٨)] كتاب الأشربة، [٢٠] باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تماما واستحباب الاجتماع على الطعام، وابن ماجه (٣١٨٠، ٣١٨١)، والطبراني في المعجم الكبير (١٩/ ٢٥٧)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٤٢٤٦)، وابن حبان في صحيحه (٢٥٣٦ - موارد) والهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٣١٧، ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>