للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه اللَّه من غير رياء ولا سمعة فلا أراد جزاءً ولا شكورًا، وهو الإخفاء والإبداء للفقراء، وخير الإخفاء جليا لا يخفى.

وقال تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)(١) والآيات في فضل الإنفاق في الطاعات كثيرة معلومة.

وروينا من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه : "لا حسد إلَّا في اثنتين (٢) رجل آتاه اللَّه مالًا فسلطه على هلكته في الحق؛ ورجل آتاه اللَّه حكمة فهو يقضي بها ويُعلِّمُها" (٣) أخرجاه. وسلف شرحه قريبا، فمن اتصف بذلك فهو محمود إن حصل على النعمة التامة الحقيقية، وكل ذي نعمة محسود عليها، فيا طرباه دنيا وأخرى.

وروينا من حديث ابن عمر مرفوعًا: "لا حسد إلَّا في اثنتين؛ رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه اللَّه مالًا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار". أخرجاه (٤) والآناء: الساعات، فقضى بذلك على نفسه وغيره وعلَّمه لإخوانه.


= فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١] فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد من الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون الأفضل من هذه الحيثية. [تفسير ابن كثير (١/ ٣٢٢)].
(١) سورة آل عمران (٩٢).
(٢) قال العلماء: الحسد قسمان: حقيقي ومجازي، فالحقيقي تمنى زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة، وأما المجازي فهو الغبطة، وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد بالحديث: لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما. [النووي في شرح مسلم (٦/ ٨٤، ٨٥) طبعة دار الكتب العلمية].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٧٣) كتاب العلم، [١٦] باب الاغتباط في العلم والحكمة، ورقم (١٤٠٩) كتاب الزكاة، [٥] باب إنفاق المال في حقه، ورقم (٧١٤١) كتاب الأحكام، [٣] باب أجر من قضى بالحكمة، ورقم (٧٣١٦) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، [١٣] باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل اللَّه تعالى، ومسلم في صحيحه [٢٦٨ - (٨١٦)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، [٤٧] باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٧٥٢٩) كتاب التوحيد، [٤٥] باب قول النبي : "رجل آتاه اللَّه القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار"، ومسلم في صحيحه [٢٦٦ - (٨١٥)] كتاب صلاة المسافرين وقصرها، [٤٧] باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل هن تعلم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها، والترمذي في سننه (١٩٣٦) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الحسد، وابن ماجه في سننه (٤٢٠٩)، والمنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>