للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالراء: الدواب التي ترعى وتبيت في مكانها. وترقق بعضها إلى بعض: أي تصير بعضها بعضًا رقيقًا أي خفيفا لعظم ما بعده، فالثاني يرقق الأول. وقيل: تسوق بعضها بعضا بتحسينها وتسويلها. وقيل: تشدّ بعضها بعضا. وفيه أن من بويع أولا فهو أحق بالطاعة (١)، فتضرب رقبة الأخير إن أضرَّ وضال.

وروينا من حديث وائل بن حجر قال: "سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول اللَّه فقال: يا نبي اللَّه، أرأيت إن قامت علينا أُمراء يسألون حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتم" (٢) أخرجه مسلم.

وروينا من حديث عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا: "سيكون بعدي أُمراء وأمور تُنكرونها". قالوا: يا رسول اللَّه، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: "تُؤدُّون الحق الذي عليكم وتسألون اللَّه الذي لكم" (٣) أخرجاه.

وروينا من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من أطاعني فقد أطاع اللَّه، ومن عصاني فقد عصى اللَّه، ومن يُطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني" (٤) أخرجاه. وفيه بيان رتبة الإمارة وكبر شأنها، ولا أبلغ في التعبير عن ذلك بذلك، وهو من الشكل الرابع.

وروينا من حديث ابن عباس مرفوعًا: "من كره من أميره شيئًا فليصبر فإنه من خرج من السَّلطان شبرا فمات عليه إلَّا مات ميتة جاهلية" (٥) أخرجاه. ولا شك أن الخروج شؤم.


(١) قوله "فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر" معناه ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام، فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله، ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعد في قتاله. [النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٩٦) طبعة دار الكتب العلمية].
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٤٩ - (١٨٤٦)] كتاب الإمارة، [١٢] باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، والترمذي (٢١٩٩)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٣٦٧٣)، والبخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٤٣، ٤/ ٧٣).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٦٠٣) كتاب المناقب، [٢٥] باب علامات النبوة في الإسلام، ورقم (٧٠٥٢) كتاب الفتن، [٢] باب قول النبي : "سترون بعدي أمورا تنكرونها"، ومسلم في صحيحه [٤٥ - (١٨٤٣)] كتاب الإمارة، [١٠] باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وأحمد في مسنده (١/ ٤٢٨، ٤٣٣).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٧١٣٧) كتاب الأحكام، [١] باب قول اللَّه تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، ومسلم في صحيحه [٣٢ - (١٨٣٥)] كتاب الإمارة، [٨] باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٧١٤٣) كتاب الأحكام، [٤] باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن =

<<  <  ج: ص:  >  >>