للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بعض المساجد فمال إليه وترك السوق.

فرأى صرة في طريقه مكتوب عليها فيها مائة دينار فتركها وأقبل على صلاته، ثم رجع إلى السوق فاشترى حزمة الحطب ودخل بها بيته.

فلما حلَّها وجد الصرة فيها، فرفع رأسة إلى السماء وقال: اللهم كما لم تنس عبدك من رزقك فلا تنساه في وقت طاعتك وخدمتك، وجعل يقول: لو أقبلت في خدمته ونهيت نفسك عن معصيته ولِّيت لطائف إحسانه ونعمته.

وأنشدوا:

قلوب العارفين تحنُّ حتى … تحل بقربه في كل راج (١)

صفت في ورد مولاها فليست … لها من ورد مولاها من براح

السادسة عشر: عن الشيخ مطهر السعدى أنه بكى شوقًا إلى اللَّه ستين سنة فرأى في النوم كأنه بجنب نهر يجرى بالمسك الأذفر (٢)، حافتاه شجر اللؤلؤ، وقضبان الذهب، وإذا بجواري مزَّينات يقُلن بصوت واحد: سبحان المُسبَّح بكل لسان سبحانه.

سبحانه الموجود بكل مكان سبحانه، سبحان الدائم في كل الأزمان سبحانه فقلت: من أنتنَّ؟ فقلن: من الرحمن سبحانه. فقلت: ما تصنعن؟ فقُلن:

برأنا إله الناس رب محمد … لقوم على الأقدام بالليل قُوَّمُ

يُناجون رب العالمين إلههم … فتسرى هموم القوم والناس نُوَّمُ

السابعة عشرة: عن الشيخ عبد الواحد بن زيد (٣) قال: أصابتني علة في ساقي، فكنت أتحامل عليها في الصلاة فقمت عليها من الليل فأجهدت وجعًا، ثم لففت إزاري في محرابي ووضعت رأسي عليه ونمت فبينا أنا كذلك إذا أنا بجارية تفوق الدنيا حسنًا تخطر بين جوار مزيَّنات حتى وقفن عليَّ وهُنَّ خلفها فقالت لبعضهن: ارفعنه ولا توقظنه ففعلن فقالت لغيرهن: افرشن له، ومهدن ووطئن ووسدنه ففرشن تحتي سبع حشايا لم أر لهن في الدنيا مثيلًا ووضعن تحت رأسي مرافق خضرًا


(١) راجت السلعة رواجًا: كثر طلابها.
(٢) زفر الشيء زفرًا، اشتدت رائحته فهو ذفر وهي ذفرة وهو أذفر وهي ذفراء.
(٣) قال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أبو سلمان: أصاب عبد الواحد الفالج فسأل اللَّه أن يطلقه في وقت الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ انطلق وإذا رجع إلى سريره فُلِجَ، وعن محمد بن عبد اللَّه الخزاعي قال: صلى عبد الواحد بن زيد الغداة بوضوء العتمة أربعين سنة [تاريخ الإسلام وفيات (١٥١ - ١٦٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>