للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أراه إلا على ثلاث خصال، إما مُصل وإما صائم، وإما يقرأ القرآن وما رأيته يحدث إلا على طهارة.

كان من العلماء العباد الذين يخشون اللَّه.

ولقد حججت معه سنة فلمَّا أتى الشجرة وأراد أن يهل كاد يغشى عليه.

فكلمته في ذلك وكان يكرمني وينبسط إلي فقال: إني أخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك فيقول: لا لبيك ولا سعديك.

قال مالك: ولقد أحرم جده علي بن الحسين (١)، فلما أراد أن يقول لبيك اللهم لبيك، أو قالها غشي عليه وسقط من ناقته فهشم وجهه.

قلت: ويشبه هذه حكايات ثلاث:

الأولى: مروية عن أحمد بن أبي الحواري قال: كنت مع أبي سليمان الداراني حين أراد أن يُحرم فلم يُلبي حتى سرنا ميلًا، ثم غُشى عليه فأفاق وقال: يا أحمد أوحى اللَّه تعالى إلى موسى - عليه أفضل الصلاة والسلام: مُرّ ظلمة بنى إسرائيل أن لا يذكروني فإني أذكر من ذكرني منهم باللعنة ويحك يا أحمد بلغني أن من حجَّ من غير حِلّ، ثم لبى قال اللَّه: "لا لبيك ولا سعديك"، فلا تأمن أن يقال لنا ذلك.

الثانية: رواية عن بعض السلف قال: كنت بذي الحليفة (٢) وشاب يريد أن يحرم فكان يقول: يا رب أريد أن أقول لبيك وأخشى أن يجيبني بلا لبيك ولا سعديك، وجعل يردد ذلك مرارًا ثم قال: لبيك اللهم لبيك مد بها صوته وخرجت روحه.

الثالثة: مروية عن مالك بن دينار قال: خرجت إلى مكة فبينما أنا سائر إذا بشاب وهو ساكت لا يذكر اللَّه فيما يرى حتى إذا جنَّه الليل رفع رأسه إلى السماء


= المدني الصادق، صدوق، فقيه، إمام، أخرج له: البخاري في الأدب وباقي الستة، توفي سنة (١٤٨، ١٤٠)، انظر تهذيب التهذيب (٢/ ١٠٣)، وتقريب التهذيب (١/ ١٣٢).
(١) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو الحسين، أبو الحسن، أبو محمد، أبو عبد اللَّه الهاشمي، المدني، زين العابدين، القرشي الأكبر، ثقة، ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة (٩٣، ٩٤، ٩٥)، انظر: تهذيب التهذيب (٧/ ٤٠٣)، وتقريب التهذيب (٢/ ٣٥)، والتاريخ الكبير للبخاري (٦/ ٢٦٦).
(٢) روى البخاري في صحيحه (١٥٢٤) كتاب الحج ٧ - باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، عن ابن عباس قال: "إن النبي وَقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى أهل مكة من مكة". قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>