عقوبة ولا أدب إلا النار، فما زال ذلك قولها حتى طلع الفجر، فوضع مالك يده على رأسه صارخا يبكي يقول: ثكلت مالكًا أمه وعدمته جويرية منذ الليلة قد بطلته.
السادسة بعد العشرين: تعلق رجل بأستار الكعبة.
وأنشد:
ستور بيتك ذيل الأمن منك وقد … علقتها مستجير أيها الباري
وما أظنك لما أن علقت بها … خوفًا من النار تدنيني من المنال
وها أنا جار بيت أنت قلت لنا … حجوا إليه وقد أوصيت بالجار
السابعة بعد العشرين: عن صالح المري أنه كان يطوف بالبيت فسمع أعرابيًا يقول وهو متعلق بأستار الكعبة: إلهي إن استغفاري إياك مع إصراري على كثرة ذنوبي للوم وإن ترك استغفاري على سعة رحمتك لعجز كم تتقرب إليَّ بالنعم على غناك عني، وكم أتباعد عنك بالمعاصي على فقري إليك، فيا من إذا وعد وفَّى وإذا تَوَعَّدَ عفى، أدخل عظيم جرمي في سعة رحمتك، إنك أنت الوهاب.
قال صالح: فواللَّه ما سمعت في حجتي تلك أبلغ من الأعرابي.
الثامنة بعد العشرين: قال علي بن الموفق: طفت بالبيت ليلة، وصليت ركعتين بالحجر واستندت إلى جدار الحجر أبكي وأقول: كم أحضر هذا البيت الشريف، ولا أزداد في نفسي خيرًا، فبينما أنا بين النائم واليقظان إذا هتف بي هاتف: يا علي سمعنا مقالتك، أَوَ تدعو أنت إلى بيتك من لا تحبه.
ويروى عنه أنه قال: جلست يومًا في الحرم وقد حججت ستين حجة فقلت في نفسي: إلى كم أتردد في هذه المسالك والقفار، ثم غلبتني عيني فنمت، وإذا بقائل يقول: يا ابن الموفق هل تدعو إلى بيتك إلا من تحب، فطوبى لمن أحب المولى، وحمله إلى المقام الأعلى.
ثم أنشأ يقول:
دعوت إلى الزيارة أهل ودي … ولم أطلب بها أحدًا سواهم
فجاءوني إلى بيتي كراما … فأهلًا بالكرام ومن دعاهم
التاسعة بعد العشرين: قال الأوزاعي (١): رأيت رجلًا متعلقًا بأستار الكعبة وهو يقول:
(١) الأوزاعي: عبد الرحمن بن عمرو بن محمد أبو عمرو الأوزاعي الشامي الفقيه، الدمشقي، إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، كان يسكن بظاهر باب الفراديس بمحلة الأوزاع ثم تحول إلى =