للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جارية تطوف وهى تقول:

أبى الحب أن يخفيى وكم قد كتمته … فأصبح عندي قد أناخ وطنبا

إذا اشتدَّ شوقي هام قلبي بذكره … وإن مت قُربًا من حبيبي تقربًا

فقلت لها يا جارية ألا تتقين اللَّه، تتكلمين في مثل هذا البيت بمثل هذا الكلام، فالتفتت إلي وقالت:

يا جنيد:

لولا التقى لم ترني … أهجر طيب الوسن

إن التقى شردني … كما ترى عن وطني

أَخِرُ من وجدي به … فحُبُّه هَيَّمنِي

ثم قالت: يا جنيد تطوف بالبيت أو برب البيت؟ قلت: أطوف بالبيت، فرفعت رأسها إلى السماء وقالت: سبحانك ما أعظم مشيئتك في خلقك، خلق كالأحجار يطوفون بالأحجار، ثم أنشأت تقول:

يطوفون بالأحجار يبغون قربة … إليك وهم أقسى قلوبًا من الصخر

في أبيات أنشدتها.

قال الجنيد: فغُشِيَ عليَّ من قولها، فلما أفقت لم أرها.

الرابعة بعد العشرين: قال أبو يزيد البسطامي حججت ثلاث حجج، في الحجة الأولى رأيت البيت ولم أر رب البيت. وفي الثانية: رأيت البيت ورب البيت. وفي الثالثة: رأيت رب البيت ولم أر البيت.

الخامسة بعد العشرين: عن مالك بن دينار (١) قال: بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذا أنا بجويرية متعلقة بأستار الكعبة وهى تقول: يا رب ذهبت اللذات وبقيت التبعات، يا رب كم من شهوة ساعة قد أورثت صاحبها حزنًا طويلًا. يا رب أما لك


= أبي ثور، وسمع من الحسن بن عرفة وغيره، واختص بمحبة السري السقطي والحرمي وأبي حمزة البغدادي وأتقن العلم ثم أقبل على شبابه واشتغل بما خلق له، وحدث بشيء يسير. تُوفِيَ سنة (٢٩٨). [تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (٢٩١ - ٢٠٠)].
(١) مالك بن ديار، أبو يحيى، أبو هاشم السلمي الناجي، البصري، الزاهد، القرشي، صدوق، عابد، أخرج له البخاري تعليقًا وأصحاب السنن الأربعة، توفي سنة (١٢٣، ١٢٤، ١٢٥، ١٢٦).
ترجمته: تهذيب التهذيب (١٠/ ١٤)، وتقريب التهذيب (٢/ ٢٢٤)، والتاريخ الكبير للبخاري (٧/ ٣٠٩) والجرح والتعديل (٨/ ٩١٦)، وميزان الاعتدال (٣/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>