للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرون: يروى أن أُبي بن خلف (١)، وعبيد اللَّه بن عثمان أنهما كانا في الحجر في رجب، فلم يشعُرا إلا بحية قد أقبلت حتى مرت بهما فدخلت تحت أستار الكعبة، وسمعا كلامًا من حيث دخلت تقول: يا معشر قريش كُفُّوا عما تأتون من الظلم قبل أن تنزل بكم النقم، كُفُّوا سفهاءكم فإنكم في بلد عظيم حرمته.

الحادية بعد العشرين: يروى عن أبي يعقوب البهرجوري قال: رأيت في الطواف رجلًا له عين واحدة وهو يقول في طوافه: أعوذ بك منك، فقلت له: ما هذا الدعاء؟

فقال: إني مجاور منذ خمسين سنة، فنظرت إلى شخص يومًا فاستحسنته، فإذا بلطمة وقعت على عيني، فسالت عيني على خدي. فقلت: آه، فوقعت أخرى وقائل يقول: لو زدت لزدناك.

الثانية بعد العشرين: يروى عن إبراهيم الخواص قال: رأيت شابا في الطواف مئتزرًا بعباءة متوشحًا بأخرى كثير الطواف والصلاة، مشتغلًا باللَّه تعالى لا بغيره، فوقعت في قلبي محبته، ففتح علي بأربعمائة درهم.

فجئت بها إليه وهو جالس خلف المقام فوضعتها على طرف عباءته فقلت له: يا أخي اصرف هذه القطيعات في بعض حوائجك. فقام وبددها في الحصى وقال: يا إبراهيم اشتريت من اللَّه هذه الجلسة بسبعين ألف دينار، أتريد أن تخدعني عن اللَّه تعالى بهذا الوسخ.

قال إبراهيم: فما رأيت أذل من نفسي وأنا أجمعها من بين الحصى.

وما رأيت أعز منه وهو ينظر إليَّ، ثم ذهب.

الثالثة بعد العشرين: يروى أن الجنيد (٢) طاف بالبيت في جوف الليل، فسمع


(١) كان أُبي بن خلف قال حين افتدى يوم بدر: واللَّه إن عدى لفرسًا أعلفها كل يوم فرق ذرة ولأقتلن محمدًا. فبلغ قوله رسول اللَّه فقال: بل أنا أقتله إن شاء اللَّه، فأقبل أبي مقنعًا من الحديد على فرسه تلك يقول: لا نجوت إن نجا محمد، فحمل على رسول اللَّه قال موسى: قال سعيد بن المسيب: فاعترض له رجال، فأمرهم رسول اللَّه فخلوا طريقه فاستقبله مصعب بن عمير يقي رسول اللَّه فقتل مصعب وأبصر رسول اللَّه ترقوة أُبَيٍّ من فرجه بين سابغة البيضة والدرع فطعنه فيها بحربته فوقع أُبي عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم. [تاريخ الإسلام في السيرة العطرة - غزوة أحد].
(٢) الجنيد بن محمد بن الجنيد، أبو القاسم النهاوندي الأصل البغدادي القواريري الخزاز، وقيل: كان أبوه قواريريًا، يعني زجاجًا، وكان هو خزازًا، كان شيخ العارفين وقدوة السارين. وعلم الأولياء في زمانه -رحمة اللَّه عليه- ولد ببغداد بعد سنة (٢٢٠) فيما أحسب أو قبلها، وتفقه على =

<<  <  ج: ص:  >  >>