للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة عشرة: قال سعيد بن جبير (١) رأيت امرأة جاءت فقامت في الملتزم فجعلت تدعو وتبكي حتى ماتت.

الخامسة عشرة: حج الشبلي فلما وصل إلى مكة، وعظم عنده قدر ما ناله أنشد طربًا مستعظمًا حاله:

أبُطْحَانُ مكة هذا الذي … أراه عيانًا وهذا أنا

ثم لم يزل يكررها حتى غُشي عليه.

السادسة عشرة: دخل أبو الفضل الجوهري الحرم، ونظر إلى الكعبة وقال وقد داخله الطرب: هذه ديار المحبوب، فأين المحبون؟

هذه آثار أسرار القلوب فأين المشتاقون؟ هذه ساعة الاطلاع على الدموع فأين البكاؤون؟

ثم شهق شهقة وأنشد:

هذه دارهم وأنت محب … ما بقى الدموع في الآماق (٢)

وروى أن الشبلي لما حج على التجريد، ورأى مكة وقع مغشيًا عليه، فلما أفاق أنشد البيت المذكور وزاره:

وقديمًا عهدت أفنية (٣) الدار … وفيها مصارع العشاق

السابعة عشرة: طاف رجل بالبيت فبرق له ساعد امرأة موضع ساعده على ساعدها يتلذذ به فلُصِقَا، فقال له بعض الصالحين: ارجع إلى المكان الذي فعلته فيه فعاهد رب البيت أن لا تعود بصدق نية وإخلاص، ففعل فخلي عنه.

الثامنة عشرة: يُروى أن امرأة عاذت من ظالم فجاء فمد يده إليها، فيبست يده وصار أشل.

التاسعة عشرة: عن بعض السلف أنه دخل الحجر ليلًا، وصلى تحت الميزاب وأنه سَمِعَ وهو ساجد كلامًا بين أستار الكعبة والحجارة وهو: أشكو إلى اللَّه ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي من إساءتهم فأوَّلت أن البيت شكى.


(١) سعيد بن جبير بن هشام، أبو محمد، أبو عبد اللَّه الأسدي مولاهم الوالي الكوفي، الفقيه، ثقة، ثبت فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة (٩٥، ٩٤). [انظر تقريب التهذيب (١/ ٢٩٢)].
(٢) أمق العين: طرفها مما يلي الأنف، وهو مجرى الدمع، جمعه: آماق، والمآقى هى مجارى الدمع.
(٣) الفناء: الساحة في الدار، أو بجانبها جمعها: أفنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>