للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالظلم ظلمات يوم يسعى نور المؤمنين بأيديهم وبأيمانهم (١) فأبان بهذا أن من خاصيته إطفاء نور الإيمان أو غلبة ظلمته عليه" كأنما ﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا﴾ [يونس: ٢٧] (٢).

ولا منفر مثل هذا، وسببه شح النفس، فليحذر فإنه الحامل على سفك الدماء واستحلال المحارم ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩] (٣).

وروينا فيه أيضًا: من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى تقاد الشاة الجلحاء من الشاة القرناء" (٤).

فاستيلاء الظالم مردود لأهله، وما قدر انتفاعه بالمظالم، فالدنيا كساعة من نهار أضغاث أحلام ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)[النازعات: ٤٦] (٥).

فلولا الوهم والخيال، ونسيان دار القرار ما ظلم ظالم، ولا استقر هائم.

وروينا في صحيح البخاري من حديث ابن عمر بعد أن ذكر الدجال: "ألا إن اللَّه حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد ثلاثًا.

ويلكم -أو ويحكم- لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" (٦).

وروى مسلم بعضه.

فحرمة الظلم كحرمة يوم النحر في البلد الحرام، وإنه ننحر القلوب في بلد


= وأحمد في مسنده (٢/ ٩٢)، والحاكم في المستدرك (١/ ١١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٩٣، ١٠/ ١٣٤)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٥/ ٥٣٥)، والسيوطي في الدر المنثور (٦/ ١٩٦)، والعجلوني في كشف الخفاء (١/ ٤٦) وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٨٥٨) وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (٥/ ١٠٠).
(١) في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)﴾ [الحديد].
(٢) سورة يونس (٢٧).
(٣) سورة الحشر (٩).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٦٠ - (٢٥٢٨)، كتاب البر والصلة والآداب، ١٥ - باب تحريم الظلم، والترمذي في سننه (٢٤٢٠) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، وأحمد في مسنده (٢/ ٢٣٥، ٣٠١، ٣٧٢)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٩٣)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٤٠١) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥١٢٨).
(٥) سورة النازعات (٤٦).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٤٠٣) كتاب المغازي، ٧٩ - باب حجة الوداع والطبراني في =

<<  <  ج: ص:  >  >>