للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومدار هذه الأحاديث على بيان مزية النصح ومجاريه وصفته وموجبه، ودلائل التحقق بمنازلته.

ومن الحكايات اللائقة بذلك: ما روي عن علي بن أبي طالب الوراق إن يوسف بن الحسين رؤي في المنام فقيل له: ما فعل اللَّه بك؟

فقال: غفر لي ورحمني.

فقيل: بماذا؟

فقال: بكلمة أو بكلمات قلتها عند الموت، قلت: اللهم إني نصحت الناس قولًا وخنت نفسي فعلًا فهو خيانة نفسي لنصح قولي.

الثانية: قال الأحنف (١) قال عمر: يا حنيف من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه كانت النار أولى به.

الثالثة: قال وديعة سمعت عمر يقول وهو يعظ رجلًا: لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا مات يخشى اللَّه، ولا تصح مع الفاجر فيعلمك من فجره، ولا تطلعه على سرك ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون اللَّه بك.

الرابعة: قال محمد بن علي: أوصاني أبي فقال: لا تصحبنى خمسة، ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قلت: جعلت فداك يا أبت من هؤلاء الخمسة؟

قال: لا تصحبن فاسقًا، فإنه يُتْبِعُك بالكلمة فما دونها.

قال: تطمع فيها، ثم لا تنالها. قلت: يا أبت ومن الثاني؟

قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما تكون إليه.


= لنفسه، ومسلم في صحيحه [٧١ - (٤٥)] كتاب الإيمان، ١٧ - باب الدليل على أن خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، والترمذي (٢٥٥١) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع.
(١) الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين أبو بحر التميمي: الذي يضرب به المثل في الحلم، من كبار التابعين وأشرافهم، اسمه الضحاك، ويقال: صخر، وغلب عليه الأحنف لاعوجاج رجليه وكان سيدًا مطاعًا في قومه، أسلم في حياة الرسول ووفد على عمر، وحدث عن عمر وعثمان وعلي وأبي ذر والعباس وابن مسعود، قال ابن سعد: كان الأحنف ثقة مأمونًا قليل الحديث، وكان صديقًا لمصعب بن الزبير فوفد عليه إلى الكوفة فتوفي عنده سنة (٦٧، ٧١) [تاريخ الإسلام وفيات (٦١ - ٧٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>