يناجونه في ظلمة الليل عندما … به قد خلوا أويس بن عامر (١)
وحكي عن بعضهم أنه دعي إلى دار مرارًا كثيرة في ساعة واحدة كلما وصل باب الدار رده الداعي اختبارًا له وهو طيب بذلك لم يظهر منه انزعاج.
فتعجب الداعي من حلمه وصبره واستعظمه منه فقال: لا تستعظم ذلك مني، هذه صفة الكلب؛ كلما دعي أجاب وكلما طرد ذهب وحكي عن الحسن البصري أنه قال: في الكل عشر خصال ينبغي لكل مؤمن أن تكون فيه:
١ - أن يكون خائفًا فإنه من آداب الصالحين
٢ - لا مكان له يعرف، وذلك من آداب المتوكلين.
٣ - لا ينام من الليل إلا قليلا، وذلك من صفات المحبين.
٤ - لا ميراث له بعد موته، وذلك من صفات الزاهدين.
٥ - لا يترك صاحبه وإن جناه، وذلك من علامات المريدين الصادقين.
٦ - وإن يرضي من الأرض بأدنى المواضع، وذلك من علامات المتواضعين.
٧ - وإذا غلب على مكانه تركه وانصرف إلى غيره، وذلك من علامات الراضين.
٨ - وإذا ضرب وطرد وجفي ثم طرحت له كسرة أجاب ولم يحقد على ما مضى، وذلك من علامات الخاشعين.
٩ - وإذا حضر الآكل جلس بعيدا ينتظر، وهذا من علامات المساكين.
١٠ - وإذا رحل من مكانه لا يلتفت إليه، وهذا من علامات المحزونين.
وحكي عن بعضهم إنه رأى كلابا في كهف في جبل مقيمة به لا تخرج منه، ولا تدخل البلد إلا يومًا واحدًا في الأسبوع.
تدخل وتأكل من المزابل وتعود إلى مكانها.
هكذا دائما، فأقام معها مدة، يدخل معها يوم دخولها، ويخرج معها يوم خروجها، ويأكل معها من المزابل مما يحل له أكله فحصل له بتلك الكلاب رياضات وآداب.
(١) أويس بن عامر كذا رواه مسلم، وهو المشهور، قال ابن ماكولا: ويقال أويس بن عمرو، قالوا: وكنيته أبو عمرو، قال القائل: قتل بصفين وهو القرني من بني قرن بفتح القاف والراء، وهي بطن من مراد، وهو قرن بن ردمان بن ناجبة بن مراد، وقال الكلبي: ومراد اسمه جابر بن مالك بن أدد بن صعب بن يعرب بن زيد بن كهلان بن سياد. [النووي في شرح مسلم (١٦/ ٧٧) طبعة دار الكتب العلمية].