للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها مدرعة شحر وقد كُفَّ بصرها وهي تصلي وتبكي قال: فتركت صلاتي، ووقفت أنظر إليها.

فلما فرغت من صلاتها رفعت وجهها إلى السماء وجعلت تنشد:

أين سؤلي وعصمتي في حياتي … أنت ذخري وعدتي في مماتي

يا عليما ما أكِنُّ وأُخْفِي … وبما في بواطن الخطرات

ليس لي مالك سواك فأرجوه … لدفع العظائم الموبقات

قال: فسلمت عليها وقلت لها: ما الذي أوجب ذهاب عينيك؟

قالت: بكائي على ما فرطت في مخالفته ومعصيته، وما كان من تقصيري في ذكره وخدمته، فإن عفي عني عوضني في الآخرة خيرًا منها، وإن لم يعف عني فما لي حاجة بعين تحرق في النار.

قال: فبكيت رحمة لها، فقالت: يا صالح أقسم عليك أن تقرأ شيئًا من كتاب اللَّه تعالى لي فقد طال وعزته شوقًا إليه.

قال: فقرأت: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾. (١)

قالت: يا صالح من خدمه حق خدمته؟ ثم صرخت صرخة يتصدع قلب من يسمعها، وسقطت على وجهها، وإذا بها قد فارقت الدنيا.

قال: ثم إني رأيتها بعد ذلك في المنام وهي في حالة حسنة فسألتها عن أمرها كيف كان؟

قالت: لما قبضني أوقفني الحق بين يديه وقال: أهلًا بمن قتلها الأسف على تقصيرها في خدمتي، ثم ولت وهي تقول:

جاد لي بالذي أؤمل منه … وحباني بكل ما أرتجيه

في نعيم ولذة وسروره … أبدًا عنده أخلد فيه


(١) سورة الأنعام (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>