للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستوى معا على اللوح وجعل يراودني عن نفسي.

فقلت له: يا عبد اللَّه أما تخاف اللَّه تعالى نحن في بلية نرجوا الخلاص منها بطاعته فكيف بمعصيته.

فقال: دعي هذا فواللَّه لا بُد لي من هذا الأمر.

قالت: وكان هذا الطفل نائما في حجري فقرصته قرصة فاستيقظ وبكى، فقلت له: يا عبد اللَّه دعني أُنوِّم هذا الطفل ويكون من أمرنا ما قدر اللَّه علينا فمد الأسود يده إلى الطفل ورمى به في البحر فرمقت بطرفي السماء وقلت: يا من يحول بين المرء وقلبه حل بيني وبين هذا الأسود بحولك وقوتك إنك على كل شيء قدير.

فواللَّه ما استوعبت الكلام حتى ظهرت دابة من دواب البحر، ففتحت فاها، والتقمت الأسود وخاضت به في البحر وعصمني اللَّه منه بحوله وقوته، وهو القادر على ما يشاء .

قالت: ومازالت الأمواج تدفعنى من كل جانب حتى رمتنى إلى جزيرة من جزائر البحر.

فقلت في نفسي آكل من بقلها وأشرب من مائها حتى يأتي اللَّه بأمره، ولا فرج لي إلا منه.

فمكثت أربعة أيام.

فلما كان في اليوم الخامس لاحت لي سفينة على بعد، فعلوت على كل شيء وأشرت إليهم بثوب كان عليّ، فخرج ثلاثة منهم في زورق.

فركبت معهم.

فلما دخلت السفينة الكبرى إذا بهذا الطفل الذي رمى به الأسود في البحر عند رجل منهم.

فلم أتمالك أن تراميت عليه.

فقال لي أهل السفينة: مجنونة أنت أم خَبَل عقلك.

فقلت: واللَّه ما أنا مجنونة ولا خَبَل عقلي، ولكن جرى كيت وكيت، وذكرت لهم القصة إلى آخرها، فلما سمعوا ذلك مني أطرقوا رؤوسهم وقالوا: يا جارية قد أخبرتينا بأمر تعجبنا منه، ونحن أيضًا نخبرك بأمر تتعجبي منه.

بينما نحن نجري بريح طيبة إذا بدابة قد اعترضتنا ووقفت أمامنا، وهذا الطفل على ظهرها، وإذا مناد ينادي إن لم تأخذوا هذا الطفل من ظهرها وإلا هلكتم، فصعد خدمنا على ظهرها وأخذوا الطفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>