قال: فانتبهت من منامي ووجدت وضوءا ثم صليت وخرجت من ساعتي إلى بغداد.
فوصلت إلى الشيخ في المكان الذي هو فيه فاجتمعت به وكتمتها وأخبرته بالقصة.
فقال: منذ كم قيل لك هذا؟
قال: منذ سبع ليال، وقال لي: إذا وصل إليك فقير ومعه رسالة فاقبلها منه وتصرف فيها.
ثم قال: يا بني إن لنا سبعة أيام لم يكن عندنا ما نقتات به، ولإنسان علينا دين قد ألح في طلبه، وقد سد اللَّه هذه الفاقة على يديك ثم قال لي: سألتك باللَّه أن تقيم عندنا، وإحدى بناتي هدية إليك.
فقلت يا شيخ وكيف لي بذلك، ولكني مشغول بما شغلني اللَّه به، وقد أخبرتك بما أخبرني النبي ﷺ، فقال لي: الضيافة ثلاثة أيام (١).
فقلت: نعم.
فأقمت عنده ثلاثة أيام لا يفارقني إلا في وقت يتصرف فيه، ثم ودعته وانصرفت رحمهما اللَّه تعالى.
وعن بعض الصالحين ﵀ قال: بينما أنا أطوف بالكعبة إذا أنا بجارية على عنقها طفل، وهى تنادي: يا كريم عهدك القديم.
قال: فقلت لها: ما هذا العهد الذي بينك وبينه.
قالت: ركبت سفينة ومعنا قوم من التجار، فعصفت بنا ريح، فغرقت السفينة وجميع من فيها، ولم ينج منهم أحد غيري، وهذا الطفل في حجري على لوح ورجل أسود على لوح آخر.
فلما أضاء النهار، ونظر الأسود إلي وجعل يدفع الماء بيده حتى لصق بي
(١) روى مسلم في صحيحه [١٥ - (٤٨)] كتاب اللقطة ٣ - باب الضيافة ونحوها، عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول ﷺ: "الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة، ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه" قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يؤثمه؟ قال: "يقيم عنده ولا شيء له يقريه به". قال العلماء: معناه الاهتمام به في اليوم والليلة وإتحافه بما يمكن من بر وإلطاف وأما في اليوم الثاني والثالث فيطعمه ما تيسر ولا يزيد على عادته، وأما ما كان بعد الثلاثة فهو صدقه ومعروف إن شاء فعل، وإن شاء ترك. [النووي في شرح مسلم (١٢/ ٢٨) طبعة دار الكتب العلمية].