قال: غزوت في أربعمائة، فخرج علينا العدو فقتل أصحابنا وخرجت أنا، فكنت بين القتلى فلما كان وقت الغروب، حسست رائحة من قبل الجو، ففتحت عيني فإذا بجوار عليهن ثياب ما رأيت مثلها.
وفي أيديهن كاسات يَصُبن في أفواه القتلى فغمضت عيني حتى وصلن إليَّ.
فقالت واحدة منهن: اصببن في حلق هذا وعجِّلن قبل أن تغلق أبواب السماء، فنبقى في الأرض.
فقالت أخرى: أسقيه وفيه رمق؟
فقالت لها: لا بأس عليك يا أختي، فصبَّت في حلقي.
فأنا منذ شربت ذلك الشراب لا أحتاج الطعام والشراب ﵀ ونفعنا به.
وأنشدوا في هذا المعنى:
عذرتك إذ للعزّ حلت هوانا … لأنك لم تسلك طريق هوانا