للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه الأمر بذكره والإكثار منه.

ولُقِّب بهاذم اللَّذات من حيث أن العدم إثرة، والمراد باللذات الجثمانية الكثيفة، فإنه يزعج عن الاحتفال بها فملابس تلك اللذَّات تتجافى عنها.

وفاقدها يتسلى عنها ولا يأسف عليها.

الموت لا شك آت فاستعد له … إن اللَّبيب (١) بذكر الموت مشغول

وكيف يلهو بعيش ويلذ به … من التراب على عينيه مجعول

غيره:

تزود من الدنيا قليلًا فما تدري … إذا جنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر

فكم من صحيح مات من غير عِلَّة … وكم من سقيم عاش حينًا من الدهر

غيره:

وكيف يُلذ العيش من هو عالم … بأن إله الخلق لا بد سائله

فيأخذ منه ظُلِمه لِعبادِه … ويجزيه بالخير الذي هو فاعله

وكيف يلذ العيش من هو صائر … إلى لحد قبر فيه تبلى شمائله (٢)

ويذهب رسم الوجه فيه بعده … يبلى سريعًا جسمه ومفاصله

نادرة: قال منصور بن عمار (٣): إذا دنا موت العبد قسم حاله إلى خمسة أقسام: المال للوارث، والروح لملك الموت، واللحم للدود، والعظم للتراب، والحساب للخصوم.

فيا ليت الشيطان لا يذهب بالإيمان عند الموت فيكون فراقًا من الرب .


(١) اللبيب: ذو اللب: وهو من كل شيء خالصه وخياره، وهو هنا العقل، وجمعها "ألباء".
(٢) الشمال، والشؤم: يقال جمع اللَّه شملهم أي ماتشتت وتفرق من أمرهم، والخلق: جمعها شمائل.
(٣) ساق عنه الذهبي قصة قال: السراج: حدثنا أحمد بن موسى الأنصاري قال منصور بن عمار: حججت، فبت بالكوفة، فخرجت في الظلماء فإذا بصارخ يقول: إلهي وعزتك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ولقد عصيتك وما أنا بنكالك جاهل، ولكن خطيئة عرضت أعانني عليها شقائي، وغرني سترك، والآن من ينقذني؟ فتلوت هذه الآية ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] فسمعت دكدة، فلما كان من الغد مررت هناك فإذا بجنازة، وإذا عجوز تقول: مر البارحة رجل فتلا آية، فتفطرت مرارته، فوقع ميتا. تاريخ الإسلام للذهبي وفيات (١٩١ - ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>