للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعوذ باللَّه منه فإن كل فراق إلى الاجتماع، وفراق الرب صعب لا يدركه أحد (١).

إليك من مكرك يا سيدي … كل البرايا دائمًا يحذرون

فكم عيوب وذنوب مضت … ونحن عنها سيدي غافلون

نُضيِّع بكسب الخطا … فنحن في أوقاتنا لاعبون

نشاهد الموت ولا نعتبر … ولا تنبهنا الريب المنون (٢)

بل غفلة تعمي أبصارنا … وشقوة (٣) خابت لديها الظنون

فنحن يا رب الورى كلنا … إليك من زلَّاتنا (٤) هاربون

لكنا نسأل رب الورى … عفوًا وصفحًا كي تقرَّ العيون

وروينا من حديث ابن عمر قال: أخذ رسول اللَّه بمنكبي فقال (٥): "كُن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل".

وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخُذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (٦).


(١) روي أنه رئي منصور بعد موته فقيل: ما فعل اللَّه بك؟ قال: غفر لي وقال: يا منصور قد غفرت لك على تخليطك، إلا أنك تحوش الناس إلى ذكري، وقيل هذا لأبي العتاهية:
إن يوم الحساب يوم عسير … ليس للظالمين فيه مجير
فاتخذ عدة لمطلع القبر … وهول الصراط يا منصور
(٢) المنون: الموت.
(٣) الشقوة: الشقاء، والشقاء: العسر والتعب.
(٤) الزلة: السقطة والخطيئة.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (٦٤١٦) كتاب الرقاق، باب قول النبي "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" والترمذي في سننه (٢٣٣٣) كتاب الزهد، باب ما جاء في قصر الأمل وابن ماجه في سننه (٤١١٤) كتاب الزهد، باب مثل الدنيا. والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٤٢)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ٣٩٩)، وفي المعجم الصغير (١/ ٣٠)، والتبريزي في مشكاة المصابيح (٥٢٧٤)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (١/ ٣١٣) والزبيدي في الإتحاف (١٠/ ٢٣٦)، والشجري في أماليه (٢/ ١٩٣)، والعجلوني في كشف الخفا (٢/ ١٩٤).
(٦) قال العجلوني: وقال النجم وفي معناه ماعند الحسن بن سفيان وأبي نعيم عن الحكم بن عمير: كونوا في الدنيا أضيافا، واتخذوا المساجد بيوتا، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكير والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون. انظر العجلوني في كشف الخفا (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>