وينفي الحق سبحانه وجود آلهة أخرى، فيقول في موضع آخر:{مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ}[المؤمنون: ٩١] .
فهذا إله للسماء، وهذا إله للأرض، وهذا الجن، وهذا الإنس. . إلخ، وبذلك تكون الميْزة في أحدهم نقصاً في الآخر، والقدرة في أحدهم عجزاً في الآخر، وهذا لا يليق في صفات الألوهية.
ونلحظ هنا في قوله تعالى:{إِنَّمَآ إلهكم الله}[طه: ٩٨] أن كلمة (إله) لا تعني (الله) ، وإلا لو كان إلهاً بمعنى الله لأصبح المعنى: إنما الله الله.
إذن: هناك فَرْق بين اللفظين: الله عَلَم على واجب الوجود الأعلى، أما الإله فهو المعبود المطاع فيما يأمر، فالمعنى: أن المعبود المطاع فيما يأمر به هو الله خالق هذا الوجود، وصاحب الوجود الأعلى.
فالله تعالى هو المعبود المطاع بحقٍّ، لأن هناك معبوداً ومطاعاً لكن بالباطل، كالذين يعبدون الشمس والقمر والأشجار والأحجار ويُسمُّونهم آلهة، فإذا كانت العبادة إطاعة أمر ونهي المعبود، فبماذا أمرتْهم هذه الآلهة؟ وعن أيِّ شيء نهتْهم؟ وماذا أعدَّتْ لمن عبدها أو لمن كفر بها؟ إذن: هي معبودة، لكن بالباطل؛ لأنها آلهة بلا منهج.
وكلمة {إِنَّمَآ}[طه: ٩٨] لا تأتي إلا استدراكاً على باطل، وتريد أن تُصوِّبه، كأن تقول: إنما الذي حضر زيد، فلا تقولها إلا لمن ادَّعى أن الذي حضر غير زيد، فكأنك تقول: لا، فلان لم يحضر، إنما الذي حضر زيد.