ونذكر هنا قصة عروة بن أذينة وكان صديقاً لهشام بن عبد الملك بالمدينة قبل أنْ يتولى هشامٌ الخلافة، فلما أصبح هشام أميراً للمؤمنين انتقل إلى دمشق بالشام، أما عروة فقد أصابته فاقة، فلما ضاق به الحال تذكّر صداقته القديمة لهشام، وما كان بينهما من وُدٍّ، فقصده في دمشق علَّه يُفرِّج ضائقته.
جاء عروة إلى دمشق واستأذن على الخليفة فأذن له، فدخل وعرض على صاحبه حاجته وكله أمل في أنْ ينصفه ويجبر خاطره، لكن هشاماً لم يكن مُوفّقاً في الردِّ على صديقه حيث قال: أتيتَ من المدينة تسألني حاجتك وأنت القائل:
فقال عروة بعد أن كسر صديقه بخاطره: جزاك الله عني خيراً يا أمير المؤمنين، لقد نبَّهتَ مني غافلاً، وذكَّرتَ مني ناسياً، ثم استدار وخرج.
وعندها أدار هشام الأمر في نفسه وتذكّر ما كان لعروة من وُدٍّ وصداقة، وشعر بأنه أساء إليه فأنَّبه ضميره، فاستدعى صاحب الخزانة، وأمر لعروة بعطية كبيرة، وأرسل بها مَنْ يلحق به.
لكن كلما وصل الرسول إلى (محطة) وجد عروة قد فارقها حتى وصل إلى المدينة، ودقَّ على عروة بابه، وكان الرسول لَبِقاً، فلما فتح عروة الباب قال: ما بكم؟ قال: رسل هشام، وتلك صِلَة