ويُنبّه سُبحانه أم موسى أنه لن يردّه إليها لمجرد أنه قرة عين، ولكن لأن لموسى أيضاً مُهمّة مع الله. وفي لقطة أخرى يقول الحق عن مسألة الوحي لأم موسى:{إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ على عيني}[طه: ٣٨ - ٣٩]
والحق هنا في هذه اللقطة يصف وقت تنفيذ العملية التي أوحى بها، ففيه فرق بين التمهيد للعملية قبل أن تقع كما حدث في اللقطة السابقة حيث قال لها الحق:{فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم} . كان ذلك هو الإعداد، ثم جاء وقت التنفيذ، فقال الحق لموسى:{إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى} . إنها سلسلة من الأوامر المتلاحقة التي تدل على أن هذه العملية كانت في وقت أخذ جنود فرعون لأطفال بني إسرائيل ليقتلوهم، إنه سبحانه يبين لنا أن جنود الله من الجمادات التي لا تعي تلقت الأمر الإلهي بأن تصون موسى، فكلمة «اقذفيه» تدل على السرعة، وتلقّي «اليم» الأمر من الله بأن موسى عندما يُلقى في البحر، فلا بد أن يلقيه إلى الساحل. {إِذْ أَوْحَيْنَآ إلى أُمِّكَ مَا يوحى أنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل} إنها أوامر للمُسخّر من المخلوقات التي لا تعصى.
لكن كيف تكون أوامر الحق لعدو لله؟ إن الله يدخلها كخاطر مُلحّ في رأس فرعون ليُنفّذ مُراد الله. إن امرأة فرعون تقول له ما جاء في قوله تعالى:{وَقَالَتِ امرأة فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}[القصص: ٩]
لقد دخل أمر الله كخاطر، والتقطه آل فرعون لا ليكون قرة عين لامرأة فرعون، ولكن لأمر مختلف أراده الله.
فهل ساعة الالتقاط كان في بالهم أن يكون موسى عدوّاً