للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للهداية أو الضلال. ونحن إن سمعنا «أن الله هدى» نفهمها على معنيين؛ المعنى الأول أنه «دل» ، والمعنى الثاني أنه «أعان ومكّن» .

ف «هدى» تكون بمعنى «دل» ، وهدى تكون بمعنى «أعان» . وسبق أن قلنا: إذا كان هناك إنسان يمشي في الطريق ويريد الاتجاه إلى الإسكندرية وهو لا يعرف الطريق الموصل. فيسأل شرطي المرور فيشير الشرطي: هذا هو الطريق الموصل إلى الإسكندرية. إنَّ الشرطي هدى هذا الإنسان ودله على الطريق، لكنه لم يحمل الإنسان على أن يسير في الطريق، فإذا ما صدّق المسافر قول الشرطي وقال له: إنني أشكرك وأكثر الله من خيرك والحمد لله أنني وجدتك، فلولا وجودك لتعبت، هنا يقول الشرطي: أنت رجل طيب والطريق إلى الإسكندرية به «مطب» وعقبه، سأركب معك حتى أدلك على مكان هذه العقبة. وبذلك يتجاوز الشرطي مرحلة «الدلالة» إلى مرحلة «المعونة» وسبحانه أوضح: سأهدي الناس جميعاً وأرشدهم وأدلهم، فالذي يقبل على الإيمان بي سأعاونه على ذلك.

ولذلك يقول: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى} [فصلت: ١٧] .

و «هديناهم» هنا بمعن «دللناهم» فقط، أما أن يسلكوا سبل الهداية أو لا فالأمر متروك لهم. والهداية - إذن - ترد بمعنى الدلالة، وترد بمعنى الإعانة. والحق يعين من؟ . يعين من آمن به ولكن من يكفر به لا يعينه: {والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} [التوبة: ٣٧] .

وكذلك: {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} [التوبة: ٢٤] .

إذن فلله هدايتان: هداية عم الناس بها جميعاً وهي هداية الدلالة، وأخرى خص بها من جاءه مؤمناً به، وهي هداية «المعونة» . ولذلك قال الحق للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

<<  <  ج: ص:  >  >>