للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثال ذلك - كما قلنا من قبل - المسجون الذي يطلب كوب ماء فيأتي له الحارس بكوب الماء ويقربه من فمه ثم يسكب الماء على الأرض، هذه العملية زرعت في نفس السجين الأمل في الأرتواء أولاً، ثم يكون سكب الماء على الأرض سبباً في التعذيب والإمعان فيه، لكن لو رفض الحارس أولاً تقديم الماء لعاش السجين في اليأس وهو إحدى الراحتين.

ونرى ذلك أيضاً فيمن ينتظر حكماً قد يكون إعداماً وقد يكون براءة، وتكون فترة الانتظار هي المليئة بالقلق. وعندما يضعون المنتظر في الميزان يجدون وزنه في انخفاض. وبعد الحكم بإعدامه يبدأ وزنه في الزيادة؛ لأن اليأس إحدى الراحتين. إذن فانبساط النفس ومجيء القبض بعدها هو الأمر الأنكى والأشد قسوة على النفس، ولذلك يقول الحق: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: ٢١] .

هذه البشارة تأتي بالانبساط للنفس ويتلوها الانقباض، ومثل قول الحق: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه} [الكهف: ٢٩] .

أي أنه قد وقع عليهم لون من العذاب يستدعي الإغاثة، ومن بعد ذلك يغاثوا لا بما ينقذهم ولكن بما يزيد عذابهم.

وساعة يسمعون «يغاثوا» تنفرج أساريرهم وتسكن وتطمئن نفوسهم، وبعد ذلك يحدث الانقباض بسماعهم: {بِمَآءٍ كالمهل يَشْوِي الوجوه} ، إذن فكلمة «مثوبة» تأتي لهم بشيء من الانبساط يتلوه العذاب.

هذا. وإنّ أفعل التفضيل يأتي على صورة «أفعل» ، «أكرم» ، «أجود» ، «أشجع» فهذا لون من زيادة الصفة في طرف عنها في الطرف الآخر. اللهم إلا كلمات قليلة جاءت في اللغة على غير صيغة التفضيل منها كلمة «خيرط وكلمة» شر «فلم تأت منها كلمة» أَخْيَر «بمعنى أكثر خيراً. ولا كلمة أشر بمعنى أكثر شرا، ومرة تأتي كلمة» خير «ويقابلها الخير الأقل. والذي يميز المعنى هو وجود كلمة»

<<  <  ج: ص:  >  >>