من «كقولنا:» فلان خير من فلان «. أما إن قيل: فلان خير» فمقابله هو «شر» لأنه لا توجد كلمة «أَخْيَر» .
وهكذا نجد كلمة «خير» تأتي للوصف مرة وتأتي للمبالغة في الوصف مرة أخرى، والفاصل للتمييز بين الاثنين هو وجود «مِن» . فيقال: فلان خير من فلان ومثلها في ذلك كلمة شر، وقد ورد استعمال كلمة خير للتفضيل ولغير التفضيل في قوله تعالى:{ياأيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
[الأنفال: ٧٠] .
والحديث النبوي يقول:«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير» .
إن في كل مؤمن خيراً. ولكن في المؤمن القوي خير أكثر مما في المؤمن الضعيف. والمثال على أن كلمة «خير» . تقابل كلمة «شر» ، هو قول الحق:{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ}[آل عمران: ١٨٠] .
و «خير» هنا ليست أفعل التفضيل ولكنها للوصف العادي؛ وإذا جاءت «مِن» تعرف أنها للتفضيل، وعدم الإتيان بلفظة «مِن» يدلنا على أنها للوصف العادي ومقابله كلمة «شر» . وهنا يقول الحق:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلك} . وجاءت كلمة «بشر» هنا للتفضيل ولا يعني ذلك أن المؤمنين في «شر» ولكنها مجاراة للخصم. واعتبار أن ما يقوله الخصم مقبول جدلاً. وهناك الأكثر شراً في الواقع وعند الله وهو المراد من قوله تعالى:{مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة والخنازير وَعَبَدَ الطاغوت أولئك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السبيل}[المائدة: ٦٠] .