سبحانه وتعالى. . فأرسل الملكين ببابل هاروت وماروت ليعلما الناس السحر. الذي يخضع الأعلى عنصراً للأدنى.
واقرأ قوله سبحانه:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولكن الشياطين كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ الناس السحر وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الملكين بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حتى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} . . فالله تبارك وتعالى أرسل الملكين هاروت وماروت ليعلما الناس السحر. . ولقد رويت عن هذه الملكين قصص كثيرة. . ولكن مادام الله سبحانه وتعالى قد أرسل ملكين ليعلما الناس السحر. . فمعنى ذلك أن السحر علم يستعين فيه الإنسان بالشياطين. . وقيل إن الملائكة قالوا عن خلق آدم كما يروي لنا القرآن الكريم:{قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}[البقرة: ٢٠]
حينئذ طلب الحق جل جلاله من الملائكة. . أن يختاروا ملكين ليهبطا إلى الأرض لينظروا ماذا يفعلان؟ فاختاروا هاروت وماروت. . وعندما نزلا إلى الأرض فتنتهما امرأة فارتكبا الكبائر. هذه القصة برغم وجودها في بعض كتب التفسير ليست صحيحة. . لأن الملائكة بحكم خلقهم لا يعصون الله. . ولأنه من تمام الإيمان أن يؤدي المخلوق كل ما كُلِّف به من الله جل جلاله. . وهذان الملكان كلفا بأن يعلما الناس السحر. . وأن يحذرا بأن السحر فتنة تؤدي إلى الكفر وقد فعلا ذلك. . والفتنة هي الامتحان. . ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حتى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المرء وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله} . . إذن فهذان الملكان حذرا الناس من أن ما يعلمانه من السحر فتنة تؤدي إلى الكفر. . وإنها لا تنفع إلا في الشر وفي التفريق بين الزوج وزوجه.
. وإن ضررها لا يقع إلا بإذن الله. . فليس هناك أي قوى في هذا الكون خارجة عن مشيئة الله سبحانه وتعالى. .
ثم يأتي قول الحق تبارك وتعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ