{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ}[فصلت: ٥٣] .
دليل على أنه من الزمن المستقبل يكشف الله لنا عن آياته الموجودة في الأرض، وقوله تعالى:{الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الروم: ١ - ٣] .
وهذا اختراق لحجاب المستقبل؛ لأن النصر حدث بعد نزول هذه الآية بتسع سنوات. إذن: فالذي يحدث في المستقبل محجوب عنك بالزمن المستقبل، ولكن هناك شيئاً يحدث في الحاضر ولا نعرفه وهو محجوب عنك بحجاب المكان، فما يحدث في مكان لست موجوداً فيه لا تعرفه، فأنت إن كنت جالساً في مكة مثلاً، فأنت لا تعرف ما يحدث في المدينة المنورة لأنه محجوب عنك بحجاب المكان، وهناك أيضاً حجاب النفس، أي: أن ما يدور في نفسك لا يعرفه أحد غيرك؛ لأنه محجوب بحجاب النفس.
وحين يقول الحق سبحانه وتعالى:{إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا} فسبحانه وتعالى يخاطب قوماً يريد منهم أن ينفذوا هذا الأمر، ولكنه سبحانه يعلم السرائر التي تستقبل النص. مثلما يأتي إنسان ويخبرك أن المخبز القريب من منزلك سوف يغلق فأول ما يتبادر إلى ذهنك السؤال: ومن أين سنأتي بالخبز؟ أو أن يقال لك:«إن الباخرة التي تحمل اللحم والخضروات ضلت الطريق» فأول ما يخطر على بالك لحظتها: ومن أين نأكل؟
وكان المشركون يأتون إلى الحج ومعهم أموالهم ويتاجرون وينفقون، هذه الفترة تمثل بالنسبة لمن يعيشون حول بين الله الحرام فترة الرواج المادي الذي يعيشون عليه طوال العام.