للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصدقه. ولكن أراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يسترهم أمام المؤمنين؛ فجعل باب الإيمان مفتوحاً على مصراعيه؛ لأن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنما جاء رحمة للعالمين، ولذلك فهو يحرص على أن يبقي باب التوبة وباب الإيمان أمامهم مفتوحاً دائماً مع حفظ كرامتهم.

قول الحق سبحانه وتعالى: {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: يصدقهم، وكلمة الإيمان بالنسبة للناس جاءت في آيات كثيرة، منها قوله تعالى حين أعلن السحرة إيمانهم برب موسى وسجدوا؛ قال لهم فرعون: {آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر ... } [طه: ٧١]

ومعنى {آمَنتُمْ لَهُ} أي: صدَّقتموه، ولكن ما هو الفرق بين الباء واللام؟ أنت حين تقول: آمنا بالله. فأنت تعلن أنك قد آمنت بالذات بكل صفات الكمال فيها، وحين تقول: آمنت للمؤمنين فيما قالوه، أي صدقتهم لأنهم مؤمنون.

ومادة «آمن» تدور كلها حول الأمن والطمأنينة، ولكنها تأتي مرة لازمة ومرة متعدية. مثلما تقول: «آمنت الطريق» أي: اطمأننت إلى أنه لن يصيبني فيه شر. ومنها قول يعقوب عليه السلام لبنيه:

{قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ ... } [يوسف: ٦٤]

أي: أن السابقة هنا أنه آمنهم على يوسف فلم يرعوا الأمانة، فصار لا يأمنهم على أخي يوسف، وهذه آمن اللازمة. أما المتعدية فهي التي يتعدد فيها الأمن، مثل قوله تعالى: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ... } [قريش: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>