أما غير الفقير الذي يخشى أن يجيء الولد ومعه الفقر فقد ينشغل بأن المولود الجديد سيأتي ليُحوِّل غناه إلى فقر. ويخاطبه الحق سبحانه وتعالى بقوله:{نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} أي: أن رزقهم يأتي من عند الله قبل رزقكم أنتم، فلا تخشوا الفقر وتقتلوا أولادكم؛ لأن الحق سبحانه وتعالى سيرزقهم، فلن يصيبكم الفقر بسبب الأولاد.
وهكذا نرى أن معنى الآيتين مختلف تماماً وليس هناك تكرار.
كذلك في الآية التي نحن بصددها، يقول بعض الناس: إن هذه الآية قد رودت في نفس السورة، نفول لهم: نعم. ولكن هذه لها معنى والأخرى لها معنى آخر؛ فأين الاختلاف في الآيتين؛ حتى نعرف أنهما ليستا مكررتين؟ الآية الأولى تقول:{فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحياوة الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة: ٥٥]
والآية الثانية التي نحن بصددها تقول:{وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدنيا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة: ٨٥]
أول اختلاف نجده في بداية الآيتين؛ ففي الآية الأولى:{فَلاَ تُعْجِبْك} ، والثانية:{وَلاَ تُعْجِبْكَ} .
ففي الآية الأولى جاء الحق سبحانه وتعالى بالفاء، والفاء تقتضي الترتيب. إذن: فهذه الآية مترتبة على ما قبلها، وهي قوله تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصلاوة إِلاَّ وَهُمْ كسالى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة: ٥٤]