عقد الصفقة العهدية بين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وبين الأنصار، كان من الممكن أن يموت واحد أو اثنان أو ثلاثة قبل أن يبلغ الإسلام حظه وذروته، وقد يقال: فلان مات ولم يأخذ شيئاً من ماديات الحياة.
لكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين قال:«الجنة» ، فمن مات يدخلها.
{بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} هذا هو الثمن، وهو وعد بشيء يأتي من بعد، ولكنه وعد ممن يملك إنفاذه؛ لأن الذي يقدح في وعود الناس للناس، أنك قد تعدُ بشيء ولكن تظل حياتك ولا تفي به، أو أن تقل إمكاناتك عن التنفيذ.
إذن: الوعد الحق هو ممن يملك ويقدر، وحيّ لا يموت، لذلك يقول في هذه الآية:
{إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة}
ويقول في آخرها:
{وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً} و «وَعْد» مصدر، فأين الفعل، إننا نفهمها: أي وعدهم الله بالجنة وعداً منه سبحانه وهو الذي يملك وهو وعد حق. والقرآن حين يأتي بقضية كونية، فالمؤمن يستقبلها بأنها سوف تحدث حتماً، فإذا ما جاء زمنها وحدثت صارت حقّاً ثابتاً، مثلما يقول سبحانه:{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون}[الصافات: ١٧٣]
هذه قضية قرآنية، حدثت من قبل وثبتت في الكون.
وماذا بعد أشتري الله من المؤمنين أموالهم وأنفسهم؟ هنا يحدد الحق المهمة أمامهم: