للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها:

{قَالَ مَعَاذَ الله إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: ٢٣] ، وأعطانا هذا القول معنيين اثنين:

الأول: أنه لم يوافق على طلبها بعد أن أوضحتْ ما تريد.

والمعنى الثاني: أنه طلب المعونة من الله، وهو سبحانه مَنْ أنجاه من كيد إخوته؛ ونجَّاه من الجُبِّ؛ وهيَّأ له أفضل مكان في مصر، ليحيا فيه ومنحه العلم والحكمة مع بلوغه لأشُدَّه. وبعد كل هذا أيستقبل كل هذا الكرم بالمعصية؟ طبعاً لا.

أو: أنه قال: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: ٢٣] .

ليُذكِّر امرأة العزيز بأن لها زوجاً، وأن هذا الزوج قد أحسن ليوسف حين قال لها: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عسى أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} [يوسف: ٢١] .

فالصعوبة لا تأتي فقط من أنها تدعوه لنفسها؛ بل الصعوبة تزداد سوء لأن لها زوجاً فليست خالية، وهذا الزوج قد طلب منها أن تُكرِم يوسف، وتختار له مكانَ إقامةٍ يليق بابن، ولا يمكن أن يُستَقبل ذلك بالجحود والخيانة.

وهكذا يصبح قول يوسف: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: ٢٣] .

قد يعود على الله سبحانه؛ وقد يعود على عزيز مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>