ولا شديداً على الإطلاق، بل خلق في المؤمن مرونة تمكِّنه أن يتكيف تبعاً للمواقف التي يمر بها، فإنْ كان على الكافر كان عزيزاً، وإنْ كان على المؤمن كان ذليلاً متواضعاً.
ونرى وضوحَ هذه القضية في سيرة الصِّديق أبي بكر والفاروق عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، وقد عُرِف عن الصِّديق اللين ورِقَّة القلب والرحمة، وعُرِف عن عمر الشدة في الحق والشجاعة والقوة، فكان عمر كثيراً ما يقول لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا تصادم بأحد المعاندين:«إئذن لي يا رسول الله أضرب عنقه» .
وعندما حدثت حروب الردة بعد وفاة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان لكل منهما موقف مغاير لطبيعته، فكان مِنْ رأي عمر ألاّ يحاربهم في هذه الفترة الحرجة من عمر الدعوة، في حين رأى الصديق محاربتهم والأخْذ على أيديهم بشدة حتى يعودوا إلى ساحة الإسلام، ويُذعنوا لأمر الله تعالى فقال:«والله، لو منعوني عقالاً كانوا يُؤدُّونه لرسول الله لجالدتهم عليه بالسيف، والله لو لم يَبْق إلا الزرع» .
وقد جاء هذا الموقف من الصِّديق والفاروق لحكمة عالية، فلو قال عمر مقالة أبي بكر لكان شيئاً طبيعياً يُنْسب إلى شدة عمر