للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

زكريّا يحيى بنِ عبدِ الواحدِ بنِ أبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ يحيى صاحبُ تونُسَ، وقيل: إنَّ وفاتَهُ في ثاني شوّال، وقيل: في عيدِ الأضْحى، وقيل: في الثّالثِ والعشرينَ من ذي الحِجّةِ بتونُسَ، ولهُ منَ العُمُرِ اثنَتانِ وخَمسُونَ سنةً تقريبًا.

وكانَ مَلِكًا جليلًا، عظيمَ المِقْدارِ، عاليَ الهِمّةِ، مُدبِّرًا، كثيرَ التَّحَيُّل على بُلوغ مَقاصِدِه، شُجاعًا، مِقْدامًا، يَقتَحِمُ الأخطارَ بنفسِه، كريمًا، كثيرَ العَطاء، مُغْرًى بالعَمائِر، مَنْهَمِكًا في اللَّذّات، يُزَفُّ عليه كلَّ ليلةٍ جارِيةٌ، وكانَ وَلِيَ عَهْدَ أبيه في حَياتِه، فلمّا ماتَ أبوهُ في سنةَ سبع وأربعينَ وستِّ مئة، وكانت وفاتُهُ وهُو معَه ببلدٍ بينَهُ وبينَ تونُسَ عشرونَ يومًا، فتَركَ والدَهُ ورَكِبَ بَغْلًا ودَخلَ عليه إلى تونُسَ في خمسةِ أيام، وماتَ البَغْلُ. فعلَ ذلكَ خَوفًا من عَمَّيْه. ثم أرسَلَ وأحْضَرَ الجَيشَ وبَقِيَ مُدّةً، ثم قَتلَ عَمَّيْه. ودارَى العربَ وأنفقَ فيهمُ الأموالَ. وكانت عُدَدُ الجيشِ في خِزانَتِه، فإذا وَقعَ أمرٌ أخرَجَها وفَرَّقَها، فإذا انْقَضى الأمرُ استَعادَها. ولم يكُنْ لأحدٍ من دَولَتِه خُبزٌ ولكن نَقْدٌ. ويأخُذُ من ارتفاع البلادِ لنفسِهِ الرُّبُعَ والثُّمُنَ والباقي للمسلمين، يُفَرِّقُه الحاكمُ بينَهُم أربعَ مِرارٍ في السَّنة.

٥٣٠ - وفيها تُوفِّي ناصِرُ الدِّينِ مُحمدُ (١) بنُ أيْبَكَ الإسكَنْدَريُّ. وكانَ خَرجَ إلى الحُرْجُلَّةِ (٢) فمَرَّ على جَسْرٍ فنَزَلَ به الحِصانُ فغَرِقَ، ووُجِدَ بعدَ يومين، ودُفِنَ بسَفْح قاسِيُون.

وكانَ جَمعَ حُسْنَ الصُّورةِ والفِعال، وصُلِّيَ عليه يومَ الخميسِ الحادي والعشرينَ من شَعْبان.


(١) ترجمته في: ذيل مرآة الزمان ٣/ ١٩٤، وتقدم ذكر أبيه في وفيات رمضان سنة ٦٧٤ هـ.
(٢) بضم أوله والجيم وتشديد اللام: من قرى دمشق كذا قال ياقوت في معجم البلدان ٢/ ٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>