للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى إحضاره، وخَرَجَ النّاسُ فرأوا عَسّاف بن أحمد بن حِجّي، وهو الذي أجارّ النَّصْراني وحَمَاهُ وناضلَ عنه، فكلَّمُوه في أمرِه، وكان معه رجلٌ من العَرَب، فقال للناس: إنه خَيْرٌ منكم - يعني النَّصْراني - فضربُوه بالحِجارة، وهربَ عَسّاف من العَوام، فلما بلغَ ذلك نائب السَّلْطنة غَضِبَ وأمرَ بإحضار الشيخين، فأُحضِرا، فأخْرَقَ بهما وأمر بضَرْبِهما، فضُرِبا وحُبِسَا في المدرسةِ العَذْراوية، ثم ضُرِبَ جماعةٌ من العامة، واعتُقِلَ منهم ستة نَفَر، ثم تَتبع والي البَلَد الناسَ وضَرَبَ جماعةً وعلَّق جماعةً، ثم سَعَى نائبُ السَّلْطنة في إثبات العداوة بين النَّصْراني وبين من شَهِدَ عليه ليخلِّصه بذلك. فلما بلغَ النَّصْراني ما جَرَى بسببه خافَ وأسلَم، لْم عقدَ نائبُ السَّلْطنة عنده مَجْلسًا، وأحضر القاضي الشّافعيِّ وجماعةً من الشّافعية، واستفتاهُم في حَقْن دمِه بعد الإسلام، فقالوا: "مَذْهبُنا أنَّ الإسلام يحقن دَمَه ". وطُلِبَ الشَّيخ زَيْن الدِّين الفارِقيّ من الاعتقال فوافقَهُم، وأُطْلِق، ثم أُحْضِرَ الشَّيخ تقيّ الدِّين فطيَّبَ خاطرَهُ وأطلقَهُ. ثم أُحْضِرَ النَّصْرانيّ إلى دمشقَ واعتُقلَ أيامًا. واجتهدَ الأمير شَمْس الدِّين الأعْسَر في تَخْليصه لأجل عَسّاف، فأُطْلِق، وشَقَّت هذه الواقعة على المُسلمين، وقَبَّحوا فِعْل نائب السَّلْطنة وإصراره على ما فَعلَ" (١) (٢).

وقال في حوادث السنة نفسها: "وفي يوم الأربعاء سادس عَشَر شَوّال ذكرَ الدَّرْس برواق الحَنابلة بجامع دمشق بالحلقة المعروفة بابن مُنَجَّى الشيخ العلّامة تقيّ الدِّين ابن تيمية، وحَضَرَ جماعةٌ من الأعيان" (٣).


(١) المقتفي ٣/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٢) وفي هذه الواقعة صنف شيخ الإسلام كتابه "الصارم الملول على ساب الرسول".
(٣) المقتفي ٣/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>