للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيديهم فُتْياهُ في ذلك المعروفة بالحَمَويّة، فردّوا عليه، وانتصبوا لمعاداتِه، وسَعَوا إلى القُضاة والعُلماء، وكان ذلك في أيام شديدة البَرْد كثيرة الأمطار، فوافَقَهم القاضي جلال الدِّين الحَنَفي في الدُّخول في القَضِيّة، فطلَبَه فلم يحضر، فأمرَ بالنِّداء على إبطال العقيدة الحَمَوية، فنُودي في بعض البَلَد. ثم انتصرَ الأمير سيفُ الدِّين جاغان المشِدّ للشيخ تَقِيّ الدِّين، وطَلَب جماعة ممن قامَ عليه، فاختفَى بعضُهم، وتشفَّعَ بعضُهم، وضُرِبَ المُنادي وجماعة ممّن كان معهُ.

وفي يوم الجُمُعة ثالث عَشَر الشَّهر جلسَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين في الجامع على عادته وتكلَّم على قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]. وحَضَرَ من الغد عند قاضي القُضاة إمام الدِّين القَزْوينيّ الشافعيّ، وقُرِئت العَقِيدة الحَمَوية بحضورِ جماعة، وحُوقق الشَّيخُ تقيُّ الدِّين على ما فيها، وأجابَ بما عندَهُ في ذلك، وانفصلَ المجلس على خَيْر، وسكنت القضية. وكان رأي قاضي القُضاة إمام الدِّين تَسْكين الفِتْنة وإخْمادها" (١).

وقال في حوادث سنة ٦٩٩ هـ إثر انكسار جيش المسلمين في وقعة الخزندار: "وفي يوم الخميس العِشْرين من شَهْر ربيع الآخر خرجَ جماعة، منهم الشَّيخ تقيُّ الدِّين ابن تَيْمة إلى ملكِ التَّتار، وكان نازلًا بتلّ راهط بالمَرْج، فدخلَ عليه وأراد أن يشكو إليه ما وقعَ، فلم يُمَكَّن من ذلك، وأشارَ الوزير سَعْد الدِّين ومشير الدَّولة الرَّشيد بأن لا يُخاطب الملك بشيء من ذلك فإنَّه يَحْصل فِتْنة، ونحنُ نتولَّى إصلاح الأمر، ولكنْ لا بُدّ من إرضاء المُغْل، فإنَّ منهم جماعة لم يحصل لهم شيء إلى الآن. وعادَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين ومَن معهُ إلى البَلَد ليلة السَّبت الثاني والعِشْرين من شَهْر ربيع الآخر" (٢).


(١) المقتفي ٣/ ٤١٤ - ٤١٥.
(٢) المقتفي ٣/ ٤٧٤ - ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>