للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجلسَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين ابن تيمية في مكانه بالجامع يوم الاثنين ثاني صَفَر يفسِّر آيات الجِهاد، ويَحضُّ النّاسَ على لقاء العَدُوّ وعلى الغَزْو، والإنفاقِ في سبيل الله، ويُوجِّهُ وجوبَ قتالِهم، ويُقلِّلُ عددَهم، ويضعِّفُ أمرَهُم، ويوبِّخ مَن قصْدُهُ الهَرَب ويحضُّه على إنفاق مِقْدار ما يُخرجه في ذلك في الغَزْو. واستمرَّ يجلس أيامًا متوالية" (١).

"واستهلَّ جُمادى الأولى والنّاسُ في رَجفات وخَوْف ووَجَل وشِدّة، وأربابُ المَناصب قد ضاقَت صُدُورُهم وتمنّوا الهَرَب، وأن يؤذَن لهم في ذلك، والنّاسُ في خَوْفٍ من عَدَم قُدوم العَساكر والسُّلطان، ومَن لم يَتَحَيَّل أولًا قام وتحَيّلَ وباعَ ورَهَنَ، وقاسَى النّاسُ شِدّةً شديدةً، ويقولون: أين العسكر؟ وما هذه أحوال مَن نِيّته الحُضُور، وهؤلاء قد تَرَكوا الشّام، وإنّما يُقاتِلُون عن ديار مِصْرَ، وما شابَه ذلك.

وخرجَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين ابنُ تَيْميّة مستهلّ جُمادى الأولى إلى المَرْج إلى المُخَيّم، فاجتمعَ بنائبِ السَّلْطنة وسَكّنه وثبَّتَه، وأقامَ عنده إلى بُكْرة الأحد الثالث الشَّهْر، فودَّعه، وساقَ على خَيْل البريد إلى الجَيْش المِصْري، فما أدركهم إلّا بعد دخولهم القاهرة" (٢).

"وفي بُكْرة الاثنين الخامس والعِشْرين من جُمادى الأولى وصلَ كتابُ الشَّيخ تقيُّ الدِّين ابن تَيْميّة إلى دمشق مُتَضَمِّنًا أنه دخلَ القاهرة على البَرِيد في سَبْعة أيام والثامن وأنّ وصولَهُ كان يوم الاثنين حادِي عَشَر جُمادى الأولى، وأنَّه اجتمعَ بجميع أركان الدَّولة، وذكرَ لهم حاجة المُسلمين إلى الإعانةِ والغَوْث، وحصلَ بسببه هِمَم عليّة، ونُودي بالغزاة، وجَرَّد جماعة، وقَوَيت العَزائم، ونزل بالقَلْعة.


(١) المقتفي ٤/ ١٠.
(٢) المقتفي ٤/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>