وهذا من المواضع التي تواردوا بها على استغراب ما وقع عند البخاري ولم يقفوا على دقة نظره» (١).
وقال في الفتح: هكذا وقع في رواية ابن جريج وقيل: إنه وهم في ذلك، وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هي ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ … (١٧٦)﴾ لأن جابراً يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة مَنْ لا ولد له ولا والد … ثم قال الحافظ: فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال: آية الميراث، أو آية الفرائض، والظاهر أنها ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ … (١١)﴾ كما صرّح به في رواية ابن جريج ومَن تابعه، ومَن قال إنها ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ فعمدته أن جابراً لم يكن له حينئذ ولد وإنما كان يورث كلالة، فكان المناسب لقصته نزول الآية الأخيرة لكن ليس ذلك بلازم لأن الكلالة مختلف في تفسيرها فقيل هي اسم المال الموروث وقيل اسم الميت وقيل اسم الإرث وقيل ما تقدم، فلما لم يعين تفسيرها بمَن لا ولد له ولا والد لم يصح الاستدلال لما قدمته أنها نزلت في آخر الأمر وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة.
كما أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر: جاءت امرأة سعد بن الربيع .. في آخر الحديث، وهذا ظاهر في تقدم نزولها لهم وبه احتج مَنْ قال إنها لم تنزل في قصة جابر إنما نزلت في قصة ابنَتيْ سعد بن الربيع وليس ذلك بلازم إذ لا مانع أن تنزل في الأمرين معاً، ويحتمل أن يكون نزول أولها في قصة البنتين وآخرها وهي قوله: ﴿ .. وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً … (١٢)﴾ في قصة جابر، ويكون مراد جابر فنزلت ﴿يُوصِيكُمُ