للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال النووي: قوله : «أفلح وأبيه» ليس هو حلفاً إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد ممن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المخلوق به ومضاهاته به الله فهذا هو الجواب المرضي.

وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم (١).

وقد سبقهم إلى هذا القول الإمام الخطابي فقال: هذه كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثيراً في خطابها وتريد بها التأكيد، وقد نهى رسول الله أن يحلف الرجل بأبيه فيحتمل أن يكون ذلك القول منه قبل النهي ويحتمل أن يكون جرى منه ذلك على عادة الكلام الجاري على ألسن العرب وهو لا يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه، قال الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ … (٢٢٥)[البقرة: ٢٢٥]، قالت عائشة: هو قول الرجل في كلامه لا والله وبلى والله ونحو ذلك وفيه وجه آخر وهو أن يكون النبي أضمر فيه اسم الله كأنه قال: لا ورب أبيه وإنما نهاهم عن ذلك لأنهم لم يكونوا يضمرون ذلك في أيمانهم وإنما كان مذهبهم في ذلك مذهب التعظيم … ، والعرب قد تطلق هذه اللفظة في كلامها على ضربين، أحدهما: على وجه التعظيم، والآخر: على سبيل التوكيد للكلام دون القسم (٢).


(١) شرح صحيح مسلم (١/ ١٦٨) ونحو ذلك قال الحافظ في الفتح (١/ ١٠٧). وانظر طرح التثريب (٧/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٢) عون المعبود (٢/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>