للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه: أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق (١)، وهذا أوْلى من رواية مَنْ روى وأبيه لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح (٢).

وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا منسوخ وأن هذا القول منه كان قبل النهي، وقال بعضهم: إن ذلك كان عادة الكلام الجاري على ألسنة العرب وأنه لا يقصد به القسم.

قال البيهقي: وأما الذي روينا في كتاب الصلاة عن طلحة بن عبد الله في قصة الأعرابي أن النبي قال: «أفلح وأبيه إن صدق» فيحتمل أن يكون هذا القول منه قبل النهي ويحتمل أن يكون جرى ذلك منه على عادة الكلام الجاري على الألسن وهو لا يقصد به القسم كلغو اليمين المعفو عنه، ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع عنه إذا كان منه على وجه التوقير له والتعظيم لحقه دون ما كان بخلافه ولم يكن ذلك منه على وجه التعظيم بل كان على وجه التوكيد ويحتمل أنه كان أضمر فيه اسم الله تعالى كأنه قال: لا ورب أبيه وغيره لا يضمر بل يذهب فيه مذهب التعظيم لأبيه (٣).

وقال ابن عبد البر: وهذه لفظة إن صحت فهي منسوخة لنهي رسول الله عن الحلف بالآباء وبغير الله (٤).


(١) الذين رووا عنه هذه اللفظة هم: قتيبة بن سعيد وعلي بن حجر كما عند الإمام البخاري والنسائي وهم وغيرهم رووا عنه اللفظة الأخرى، وإنما حذفها البخاري لعلمه أنها وهم، والله أعلم.
(٢) التمهيد (١٤/ ٣٦٧).
(٣) السنن الكبرى (١٠/ ٢٩).
(٤) التمهيد (١٦/ ١٥٨) وصحح هذا الوجه الطحاوي في شرح المشكل (٢/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>