قال الحافظ ابن حجر ﵀:«قوله: «خيركم مَنْ تعلّم القرآن وعلّمه» كذا للأكثر وللسرخسي أو علمه وهي للتنويع لا للشك وكذا لأحمد عن غندر عن شعبة وزاد في أوله: «إن»، وأكثر الرواة عن شعبة يقولونه بالواو، وكذا وقع عند أحمد عن بهز وعند أبي داود عن حفص بن عمر كلاهما عن شعبة، وكذا أخرجه الترمذي من حديث علي وهي أظهر من حيث المعنى لأن التي بأو تقتضي إثبات الخيرية المذكورة لمَن فعل أحد الأمرين فيلزم أن مَنْ تعلّم القرآن ولو لم يعلّمه غيره أن يكون خيراً ممن عمل بما فيه مثلاً وإن لم يتعلمه، ولا يقال: يلزم على رواية الواو أيضاً أن مَنْ تعلّمه وعلّمه غيره أن يكون أفضل ممن عمل بما فيه من غير أن يتعلّمه ولم يعلِّمه غيره لأنا نقول: يحتمل أن يكون المراد بالخيرية من جهة حصول التعليم بعد العلم والذي يعلّم غيره يحصل له النفع المتعدي بخلاف مَنْ يعمل فقط، بل من أشرف العمل تعليم الغير، فمعلّم غيره يستلزم أن يكون تعلّمه وتعليمه لغيره عمل وتحصيل نفع متعدٍّ، ولا يقال: لو كان المعنى حصول النفع المتعدي لاشترك كل مَنْ علّم غيره علماً ما في ذلك لأنا نقول: القرآن أشرف العلوم فيكون مَنْ تعلّمه وعلّمه لغيره أشرف ممن تعلّم غير القرآن وإن علّمه فيثبت المدّعي، ولا شك أن الجامع بين تعلُّم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ولهذا كان أفضل وهو من جملة مَنْ عني ﷾ بقوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)﴾ [فصلت: ٣٣]، والدعاء إلى الله يقع بأمور شتى من جملتها: تعليم القرآن وهو أشرف الجميع وعكسه الكافر المانع لغيره من الإسلام كما قال تعالى: ﴿ .. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا … (١٥٧)﴾ [الأنعام: ١٥٧]، فإن قيل: فيلزم على هذا أن يكون المقراء أفضل