من الفقيه، قلنا: لا؛ لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء النفوس لأنهم كانوا أهل اللسان فكانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر مما يدريها من بعدهم بالاكتساب فكان الفقه لهم سجية فمَن كان في مثل شأنهم شاركهم في ذلك لا مَنْ كان قارئاً أو مقرئاً محضاً لا يفهم شيئاً من معاني ما يقرؤه أو يقرئه، فإن قيل: فيلزم أن يكون المقراء أفضل ممن هو أعظم غناء في الإسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلاً، قلنا: حرف المسألة يدور على النفع المتعدي فمَن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل، فلعل من مضمرة في الخبر ولا بد مع ذلك من مراعاة الإخلاص في كل صنف منهم، ويحتمل أن تكون الخيرية وإن أطلقت لكنها مقيدة بناس مخصوصين خوطبوا بذلك كان اللائق بحالهم ذلك أو المراد خير المتعلمين مَنْ يعلّم غيره لا مَنْ يقتصر على نفسه، أو المراد مراعاة الحيثية لأن القرآن خير الكلام فمتعلِّمه خير من متعلم غيره بالنسبة إلى خيرية القرآن وكيفما كان فهو مخصوص بمَن علّم وتعلّم بحيث يكون قد علّم ما يجب عليه عيناً» (١).